في منطقة «بطن البقرة»، الواقعة وسط عشوائيات «مصر القديمة»، يتجاهل المارة الاسم الذي وضعه مجلس الحي على ناصية حارة «محمد عبدالمنعم»، ويوجهون العابرين الباحثين عن الشارع الضيق بسؤالهم: «قصدك حارة خوخة؟».
حكاية الاسم تعود لـ«رشا العمدة» صاحبة المكانة بين جاراتها رغم صغر سنها الذي لم يتعد السابعة والثلاثين.
رشا كانت أول من سمّى الحارة باسم خوخة، تحكي لـي رشا: «خوخة دلع خديجة، خديجة أول أرملة في الحارة، جوزها كان صاحب أول نعش خرج من الحارة من عشرين سنة، وخرجت بعده نعوش رجالة كتير. ولو مش على خشبة، فيه اللي خرج هربان من همّ العيشة وعجزه عن الصرف على عياله، وسابوا الستات يشيلوا همهم لوحدهم»، حيث كان موت زوج «خوخة» بداية ظاهرة تحول الحارة الفقيرة إلى مجتمع نسائي خالص.
«حدث هذا بدون أي اتفاق مسبق!» تحكي «أم عبده»: «خديجة لما مات جوزها، بصت لستات الحارة وقالت «الحارة دي بتاكل رجالتها، وبنفضل فيها ستات بس»، وبعد 15 سنة كلام خوخة اتحقق وبقت الحارة من غير رجالة، فسمينا الحارة على اسمها».
أكثر من سبع أسر تعيلها سيدات، حولن الحارة إلى بيت واسع للأرامل والمطلقات؛ ففي الصباح يفترشن عتبات بيوتهن بحثًا عن نسمة هواء خارج الجدران الضيقة لحجراتهن محدودة المساحة، ويتبادلن الشكوى والنكات، وأخبار منطقة «بطن البقرة»، وفي الليل يفرّق النوم النساء حيث تغلق كل منهن عليها باب حجرتها، ليبدأ كلام آخر قوامه توفير المطالب التي لا يقدرن على توفيرها غالبًا.










