العنف الصامت: هكذا يقتحم الاستعمار الإسرائيلي معجمنا الأسري

الثلاثاء 19 نيسان 2022
حاجز قلنديا
فلسطينيات يعبرن حاجز قلنديا متوجهات إلى مدينة القدس في 8 نيسان 2022. تصوير عباس موماني. أ ف ب.

«الذاكرة عابرة»، تكتب الأديبة الإيطاليّة نتاليا غينزبرغ في مقدّمة روايتها «المعجم الأسري»، التي استوحيت منها فكرة هذا النصّ وعنوانه. تضيف، والنصوص المبنية على الواقع ليست سوى «ومضاتٍ خافتة وشظايا مّما سمعنا ورأينا». لا قصصَ كاملة هنا، بل فتات قصص وذكريات من حوارات مثخنة بالفراغات والفجوات، تصدّعاتٌ وتشقّقاتٌ تذكّر بالكدمات التي يخلّفها عنف الاستعمار اليومي وظلمه على أجسادنا وفي أرواحنا.    

طلب لم شمل، تصريح لنص سنة، تجديد إقامة، إثبات مركز حياة، منع أمني، قطعوا التأمين، وصل رد من الداخلية؟ لازم تستنوا، لازم نستنّى، تحت رحمة الموظف، لسّة ما فيه قرار، وعدنا المحامي، المحامي بيرُدِّش، مددوا القانون، قانون جديد؟ وهلق شو؟ فوق الخمسين، يعني فيه أمل؟ لازم تستنّوا. حسبي الله عليهم، إلخ.

كسراتٌ من أحاديثَ يتقاسمها أفرادُ الأسرة الفلسطينية في صباحاتهم ومساءاتهم، بقايا جملٍ محشوّةٍ بتعابيرَ قانونيّةٍ عسيرة المضغ، علاماتُ استفهامٍ متناثرةٌ على شرشف المائدة تفضّل الانتظارَ المضني على النفي الجاف. هكذا تعيدُ قوانينُ الاحتلال وإجراءاته وسياساته تشكيلَ معاجم آلاف العائلات الفلسطينية. يكفي أن يرتبطَ فلسطينيّون وفلسطينيّاتٌ من القدس أو الخط الأخضر بشركاء من الضفة الغربية أو غزة، يكفي أن يرغبوا بتجاوز الخطوطِ الوهمية والجدران والحواجز والتصنيفات الاعتباطية التي قطّعت أوصال الشعب الواحد، يكفي أن يحبوا متناسين أو غير آبهين بلون جواز السفر الذي فُرض عليهم حملُهُ، كي تقتحمَ قوانينُ الاحتلال وبيروقراطيّته بيوتهم. تصبح حينها معظم المعاملات الروتينية -معاملاتٌ من المفترض أن تكونَ روتينيّةً لو لم يكون المرء فلسطينيًا- إجراءاتٍ مرهقةً ومكلفةً قد تستغرق سنواتٍ شدادًا يأكلن عمرك ببطء.

العيزرية هي مسقط رأس مرتا ومريم، وعلى أرضها أحيا يسوع شقيقهما لعازر من الموت بعد أربعة أيّامٍ من دفنه، ومن لعازر استعارت البلدة اسمها. وهي جارة جبل الزّيتون وقطعة من قلب القدس وبوّابتها الشرقيّة، لا تتجاوز المسافة بينهما ثلاثة كيلومترات. «وكانت بيت عنيا قريبةً من أورشليم نحو 15 غلوة»، يخبرنا الإصحاح الحادي عشر من إنجيل يوحنّا عن بلدة العيزرية وارتباطها بالقدس. رابطٌ جغرافيٌّ وتاريخي واجتماعي وأسريّ حاول الاحتلال الإسرائيلي قطعه بعد ضمّه الشطرَ الشرقيَ من مدينة القدس في العام 1967، باستخدام التقسيمات الإدارية القانونية أولًا، ثم بنصب الحواجز وبناء جدار الضم والتوسّع. أعاد الاحتلال رسم حدود مدينة القدس بحيث يستحوذ على أكبر مساحةٍ ممكنة من الأرض، ويقصي أكبر عددٍ ممكن من الفلسطينيّين، فضمَّ مساحاتٍ واسعةً من الأراضي الزراعية وغير المأهولة، واستثنى بلداتٍ وقرى متاخمةً للمدينة كالعيزرية وأبو ديس وبيت حنينا «التحتا» والسواحرة الشرقية وعناتا والولجة وغيرها، معتبرًا أهلها الفلسطينيّين فائضًا ديموغرافيًّا يجدر عزله عن القدس وإبقاؤه تحت الاحتلال العسكري. أمّا ذاك «العبء الديموغرافي» الذي لم يتّسنَّ للاحتلال إزاحته عن كاهله (بعد)، أي المقدسيّون المتبقّون ضمن حدود نفوذ بلدية الاحتلال، والذين تسري عليهم منظومة القوانين الإسرائيلية المدنية والإدارية لا المنظومة العسكرية، فقد حُشروا فيما يشبه البرزخ القانوني. حُمِّلوا بطاقاتِ هويّة زرقاء تخوّلهم الحصول على مخصصاتٍ اجتماعية واقتصادية لقاء ما يدفعونه من ضرائب، ولكنها لا تمنحهم إلا مكانةً قانونية هشّةً عرضةً للتّجريد في كل لحظة بالاستناد إلى معاييرَ ضبابية كأن يكون مركز حياتك في بلدٍ أجنبي. الضفة الغربية وفقًا لهذا المعيار بلدٌ أجنبي.

حياة المقدسيّة محكومة بحشدٍ من المفارقات: أن تحصلي على مكانتكِ القانونية، مكانة «المقيم الدائم» من قانون «الدخول إلى «إسرائيل»» لعام 1952، رغم أن «إسرائيل» هي من دخلت مدينتك واحتلّتها. أن يرغمك وعائلتك ضيقُ الحال على الانتقال من بيتكم الصغير في الطور/ جبل الزيتون -لأن العائلة كبُرت والاحتلال يرفض منحكم ترخيصًا لترميم البيت أو توسيعه لأنكم فلسطينيّون- إلى العيزرية، مثلًا. أن تجرّدكم وزارة داخلية الاحتلال من إقامتكم في القدس -كما جرّدت حوالي 15 ألف مقدسيّ منذ العام 1967- لأن «مركز حياتكم» أصبح في بلد أجنبي. كي تستعيدي إقامتك في القدس عليك إثبات مركز حياتك فيها، ألا تغادريها لسنتين متواصلتين على الأقل، أن تقدمي فواتيرَ الماء والكهرباء وحفنةً من الوثائق الرسمية الأخرى لتثبتي مركز حياتك في القدس. سمعت بامرأة من بيت حنينا اضطرت للانفصال عن زوجها المقيم في الولايات المتحدة كي تستعيد إقامتها في القدس لترعى أمها، وكانت ورقة الطلاق ضمن الوثائق التي أثبتت من خلالها عدم نيتها ترك القدس مجددًا. تحدّثت إلى عاملة متقاعدة أوقفت مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية دفعَ مخصّصات الشيخوخة لها بادعاء أن مركز حياتها في الضفة الغربية. معلّمةٌ دخل محقّقو مؤسسة التأمين الوطني بيتها في الصوانة في «زيارة» مفاجئة وفتّشوا غرفة نومها ومطبخها وثلاجتها كي يتأكدوا أنها تعيش مع أسرتها في هذا البيت حقًّا. لم يصدقوا أن عائلة من سبعة أفراد يمكن أن تعيش في بيت للإيجار مساحته خمسون مترًا، بينما تمتلك بيتًا كبيرًا في رام الله. من مصلحة مؤسسة التأمين الوطني نفي وجود العائلة في القدس لتسلبها المخصّصات، ومن مصلحة وزارة الداخلية الإسرائيلية نفي وجودها في القدس كي تصادر إقامتها وترحّلها. تعلمين ذلك، وتعرفين حق المعرفة كيف تتضافر جهود مؤسسات الاحتلال المختلفة، وزارة الداخلية ومؤسسة التأمين الوطني وبلدية الاحتلال وسلطة الضرائب، كي تواصل حربها الصامتة على الفلسطينيين في القدس.

يمنع القانون الرجال من الضفة الغربية وغزة دون 35 عامًا والنساء دون 25 من السكن مع شركائهم في القدس أو الخط الأخضر منعًا مطلقًا.

واليوم، أنتِ التي تحفظ القدس عن ظهر قلب بشوارعها وأحجارها ومطبّاتها وحفرها التي لم تردم. أنت التي ترسم خارطة المدينة من خلال روائحها ونداءات باعتها المتجولين والمداخل السرية التي تصرّين أن أحدًا سواك لا يعرفها. أنت التي أبكتها المدينة وأضحكتها وسكنت تفاصيلُها ذكرياتِها، عليكِ التوجّه ووالديك إلى مكتب وزارة الداخلية الإسرائيلية في وادي الجوز أو قلنديا، كي «تثبتي» للموظّف الإسرائيلي القادم من نيويورك أن القدس هي «مركز حياتك»، كي تثبتي للدّخيل الغريب أنّك ابنة البلد. تراجعين ما ينبغي عليك قوله للموظف/ المحقق/ المستوطن، تكتبين إجاباتٍ مقتضبةً على قصاصات ورق كي تحضّري والديك المسنّيْن للمقابلة التي تشبه التحقيق الجنائي، تمطرين مجموعة العائلة على واتساب بالتعليمات والتطمينات، تحذّرين والدك المصابَ برهاب الدّوائر الرّسميّة من التعثّر أو التوتّر، فأيّ زلّة لسان وأيّ تعبير جسد غير محسوب سيدفع الموظّف للتشكيك بأقوالكم ورفض طلب إعادة الإقامة. يسأل الموظف أباكِ الستّيني عن اسم مدرسته الابتدائية في القدس، يقارن فواتيرَ استهلاك الماء والكهرباء في المنزلين في الطور والعيزرية، يطالبه بشرح أسباب استهلاك الكهرباء المرتفع في بيت العيزرية في أحد أشهر العام الماضي. ألا يدلّ استهلاك الكهرباء المرتفع في العيزرية مقابل استهلاك منخفض في الطور في ذلك الشهر أن مركز حياتكم هو في العيزرية؟ «سندرس الطلب ولكن عليكم إحضار أوراقٍ أخرى، اللي بعده»، يقول الموظف/ المستوطن/ المحقق بعربيّته اللزجة، ويشير لكم بالخروج. ما إن تهمّي بإطلاق وابلٍ من الشتائم عليه وعلى دولته حتى تكظمي غيظك في حضور والديك، وتكتفي بالكلمة اليتيمة «مهزلة».

حياة المقدسيّ محكومة بحشدٍ من المفارقات: أن تسُنَّ الدولة التي تحتل مدينته والتي قررت اختزال علاقته بها بتعريف «مقيم دائم» تعديلًا لقانون «الدخول إلى «إسرائيل»» يسمح لوزير الداخلية بتجريده من إقامته في حال عدم ولائه للدولة.[1] أن يغدو حقّه، حقّ صلاح الحمّوري، المطلق في الحياة على أرضه وأرض آبائه وأجداده هِبةً مشروطةً بولائه لمحتلٍّ سلب أرضه ولسجّانٍ سرق أكثر من عشرة أعوامٍ من عمره. أن تكون محاكم الاحتلال التي أعطت البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) الضوء الأخضر لسنّ قانون «خرق الولاء» سبيلَهُ الأخير للاعتراض على قرار ترحيله. هو يدرك أنْ لا عدالةَ ترجى من هذه المحاكم ومن قضاتها المستوطنين ولكن عليه استنفاد كل السبل. لا يفهمون، لن يفهموا، كيف يؤثر شخصٌ البقاء في القدس حيث الاعتقالات المتكررة، مع أنه يحمل جنسية فرنسية ومع أن زوجته وطفليه في فرنسا ممنوعون من دخول القدس أو الضفّة الغربيّة بأوامر الاحتلال، كيف يؤثر حياةً من التهديد والتنكيل والملاحقة في القدس على حياةٍ آمنةٍ مريحة مع عائلته في فرنسا.

حياة الفلسطينيين محكومة بحشدٍ من المفارقات: في نفس الأسبوع الذي استقبلت فيه دولة الاحتلال اليهود الفارّين من أوكرانيا وروسيا وقدمت لهم الجنسية الإسرائيلية فور هبوط طائراتهم في مطار اللد بموجب قانون «العودة»[2] وقانون المواطنة،[3] أعاد الكنيست سنّ «قانون المواطنة والدخول إلى «إسرائيل» (أمر مؤقت).[4] يفرض القانون الذي كانت انتهت صلاحيته في تمّوز الماضي بعد تمديده سنويًّا منذ العام 2003 قيودًا صارمةً على حق فلسطينيي وفلسطينيات القدس والخط الأخضر في العيش مع أزواجهم من سكّان الضفة الغربية وغزة. تمتد التقييدات لتشمل سكان ومواطني الدول التي تعرفها «إسرائيل» دولًا معادية وهي سوريا ولبنان والعراق وإيران.

يمنع القانون الرجال من الضفة الغربية وغزة دون 35 عامًا والنساء دون 25 من السكن مع شركائهم في القدس أو الخط الأخضر منعًا مطلقًا. «تكرّم» القانون بإقرار لجنة «إنسانيّة» تمنح موافقاتٍ استثنائية في حالاتٍ تعرّفها بالـ«إنسانية» ولكنه نصّ على أن الموافقات يجب ألا تتجاوز 58 موافقة، أي عدد الموافقات الاستثنائية الممنوحة في العام 2018، بصرف النظر عن عدد الطلبات المقدّمة للجنة. للفلسطينيّين تجاربُ قاسيةٌ مع هذا المخلوق الهلامي المسمّى باللجنة الإنسانية، خبروا خلالها أن إعاقة أحد الزوجين أو إعاقة أطفالهما، مثلًا، ليست حجّةً كافية للحصول العائلة على استثناء إنساني. يجيز القانون نظريًّا للرجال ممن تجاوزوا 35 عامًا وللنساء ممن تجاوزن 25 عامًا الحصول على «تصريح مكوث» للحياة مع شركائهم في القدس والخط الأخضر، إلا أن هذا التصريح يجب أن يُجدّد سنويًّا ولا يضمن للحاصلين والحاصلات عليه مخصّصاتٍ اجتماعية أو اقتصادية أو تأمينًا صحيًّا أو الحق في مزاولة معظم المهن في الداخل.

يحظر القانون لمّ شمل الأزواج والزوجات من الضفة الغربية أو غزة ودخولهم القدس إذا قررت وزارة داخلية الاحتلال أو القائد العسكري الإسرائيلي في الضفة أن الزوج أو أحد أفراد أسرته يشكّل «خطرًا أمنيًّا على دولة «إسرائيل»».

انتظرت منى[5] من العيزرية الاحتفال بعيد ميلادها الخامس والعشرين كي يصبح بإمكانها الالتحاق بزوجها والعيش معه في حي وادي الجوز المقدسي، وحال دخولها تقدمت ونجحت في الامتحانات الإسرائيلية المطلوبة كي تزاول مهنة الصيدلة في القدس، لكن «إذن المكوث» الذي حصلت عليه بعد قبول طلب لم الشمل لا يخوّلها لمزاولة المهنة. يفرض هذا الواقع على الكثيرين العمل «خارج القانون» مما يزيد تعرضهم لاستغلال المشغّلين وتعسّفهم. تقول منى بسخرية تطغى عليها المرارة: «يلا، بستنّى حتى أطبق الخمسين»، وتشير بذلك إلى التعديل الجديد في القانون الذي يتيح لمن تجاوزوا الخمسين ممّن يملكون تصاريحَ مكوثٍ قانونية منذ ما لا يقل عن عشرة أعوام الحصولَ على «إقامة مؤقتة»، وثيقة يجب تجديدها كل عامين تضمن لهم مخصّصاتٍ اقتصادية واجتماعية والحق في العمل. «مكرمة» أخرى من القانون على الفلسطينيّين، أن تبدأ حياتهم بعد بلوغ الخمسين.

إقامة مؤقتة، إقامة دائمة، تصريح دخول محدود، تصريح للعلاج، إذن مكوث، تصريح عمل، تصريح لستة أشهر: كثيبٌ بيروقراطيّ من التصاريح جاثمٌ على صدور الفلسطينيّين منذ ولادتهم، يسيّر حيواتهم ويحدّد خطواتهم دون أن يريق قطرة دمٍ واحدة. يطل القانون فاغرًا فاه بمصطلحاتٍ تكسو عُنفَه وعنصريّته بحياديّة زائفة.  

يحظر القانون لمّ شمل الأزواج والزوجات من الضفة الغربية أو غزة ودخولهم القدس إذا قررت وزارة داخلية الاحتلال أو القائد العسكري الإسرائيلي في الضفة أن الزوج أو أحد أفراد أسرته يشكّل «خطرًا أمنيًّا على دولة «إسرائيل»». ولكن كيف يعرّف القانون الأسرة وأفرادها؟ حين يرتبط الأمر بالحصول على حق لم الشمل يعرّف القانون الأسرة تعريفًا ضيّقًا محصورًا بالأزواج والآباء والأطفال، أي أن الزوج فقط يمكن أن يقدم طلب لم شمل لزوجته والزوجة لزوجها، والوالد فقط يمكن أن يقدم طلب لم شمل لابنه القاصر، والأم لابنها.

تقيم سعاد من نابلس في بلدة العيساوية المقدسية منذ أكثر من عشرين عامًا، مع زوجها وابنه الذي ربّته «كما لو كان ابني». بقاؤها في القدس مرهونٌ بتصاريح الإقامة القابلة للتمديد سنويًّا. كانت تذهب هي وزوجها إلى إحدى مؤسسات حقوق الإنسان في المدينة كي تساعدها في تقديم طلب تجديد لم الشمل. لم تواجه سعاد مشاكلَ تُذكر في تجديد لم الشمل حتّى مات زوجها، وفجأةً أصبح وجودها في المدينة مهدّدًا. رفضت وزارة الداخلية الإسرائيليّة منح سعاد أكثر من تصريح لنصف سنة منذرةً أنه لن يكون بوسعها تمديده بعد الآن، وهكذا لم تترك أمامها إلا «خيارين» أحلاهما مرّ: أن تغادر القدس التي باتت كلَّ حياتها والتي تتلقّى فيها العلاج الكيماوي من مرض السرطان لتستقرَّ في نابلس حيث لا أحد ينتظرها، لا عائلة ولا صديقات، أو أن تعيش في القدس من دون تصريح لتواجه خطر الترحيل في كل لحظة. لا يتّسع تعريف العائلة في القانون لابن زوجها الذي ربّته والذي لا يناديها إلا بـ«يما».

عندما يتعلق الأمر بالمنع الأمني، في المقابل، يتّسع تعريف الأسرة ليشملَ الإخوة وأزواجهم، أي أنّه يخوّل وزارة الداخلية رفض طلب لم الشمل إذا شكّل الزوج أو أحد أخوته أو أزواجهم خطرًا أمنيًّا. في أي نموذج سيرة ذاتيّة تقدمه زوجة مقدسيّة للمّ شمل زوجها المقيم في الضفة، على الأخير تسجيل أسماء وتفاصيل وعناوين وأرقام هواتف وهويّات والديْه وجميع إخوته وأزواجهم ونوع علاقته بكل واحدٍ منهم، وإرفاق كشوفٍ بمكالماته الهاتفية وصور من حفل زفافهم. يسلّم الزوجان نموذج لم الشمل والسيرة الذاتية لوزارة الداخلية وينتظران سنةً أو اثنتين أو أكثر حتى تصدر هذه الأخيرة، بعد مسحٍ أمنيّ للشاباك، قرارها بقبول طلب لم الشمل أو رفضه. يحقّ للمرفوضين أمنيًّا الاعتراضُ على المنع، ولكن لا يحق لهم الاطّلاع على «الأدلة السرّيّة» التي استعان بها الشاباك لإقرار المنع، وكيف بإمكان المتّهم مواجهة تهمة لا يعرفها أصلًا؟ «الغريق بيتعلّق بقشّة» تقول فلسطينيّات لجأن لمحامين وعدوهنّ بإزالة المنع الأمني عن أزواجهنّ ودفعن لهم «اللي فوقنا واللي تحتنا». ذهبت الوعود وتلاشى المحامون وبقي المنع الأمني. وبقي في حوزة الشاباك منجمٌ من البيانات يعُج بتفاصيل وخصوصيات آلاف الفلسطينيين من مقدمي طلبات لم الشمل وأفراد أسرهم.

إجراءاتٌ مرهقة كطلب لم الشمل وتسجيل الأطفال وما تنطوي عليه من وثائقَ وسير ذاتية وإثباتاتٍ واستنزافٍ نفسي وذهني ومماطلة تضع الفلسطينيّين تحت الرقابة الدائمة وتبسط السيطرة الإسرائيلية على كل تفاصيل حياتهم وأكثرها حميميّةً.

لا يحتاج كريم من بلدة جبل المكبّر المقدسيّة أدلّةً سريّةً أو علنيّةً كي يعرف أن زوجته من شمال الضفّة مرفوضة أمنيًّا، فوالدها أسيرٌ في سجون الاحتلال، لم يستطع حضور حفل زفافها أو حفل زفاف شقيقتها لأنه كان معتقلًا. تجنب كريم وزوجته مسار لم الشمل وقرّرا الاكتفاء بطلب تصاريح بقاء مؤقتة تُمَدَّدُ كل نصف سنة. «أن أقدم لها طلب لم شمل يعني أن تضطر للقول إن لا علاقة تجمعها بوالدها وأن تتنصّل منه، وهذا الخيار ليس مطروحًا للنقاش أصلًا».

يستوي تعريفُ العائلة الفضفاض هذا لغرض المنع الأمني ونهجَ الاحتلال في تطبيق العقوبات الجماعية، نهجٌ ورثه عن الاستعمار البريطاني، ونراه جليًّا في الهدم العقابي[6] واحتجاز جثامين الشهداء واعتقال أقرباء الشهداء والفدائيّين. يعاقب الاحتلال البلدةَ بأكملها حين ينفّذ أحد أبنائها عمليّةً فدائيّة، يطوّقها ويقتحمها ويشن حملات اعتقال لا تبقي ولا تذر. يهدم منزل عائلة الفدائي، بمباركة ومصادقة قضائه الليبرالي المستقل، دون أدنى اكتراثٍ بأفراد الأسرة الذين سيشرّدهم الهدم العقابي، ويصبح الدوس على مبدأ المسؤولية الفردية حلالًا باسم الردع، ويسمّى الانتقام الجماعي ردعًا في قاموس القضاء الليبرالي المستقل. يُمنع الفلسطيني «أمنيًّا» من العيش مع زوجته في القدس لأن أخاه -ربما- ألقى حجرًا على قوات الاحتلال يومًا ما، أو لأن زوج أخته معتقلٌ إداري في سجون الاحتلال دون تهمة أو محاكمة. (الاعتقال الإداري من دون تهمة أو محاكمة إرثٌ آخر من تركة الاستعمار البريطاني). هنا أيضًا يتبدّد مفهوم المسؤولية الفردية وتصبح العائلة مجرد مفردة مطاطية يرخيها الاحتلال ويشدّها حسب الحاجة.

وسط تقييداته الفضفاضة والخانقة واستثناءاته الضيّقة، يُخرِجُ القانون من جيبه لفلسطينيّي الضفة وغزة ومواطني «الدول المعادية» بطاقةً خاصّة، بطاقة دخول وحتى حصول على الجنسية الإسرائيلية لو رغبوا. فرصة ينالها، حسب المادة التاسعة من القانون، «المتماهي مع دولة «إسرائيل» وأهدافها» وذاك الذي ساهمَ، هو أو أحد أفراد عائلته، مساهمةً جديّةً في دعم الأمن أو الاقتصاد الإسرائيلي، أو أولئك الذين تملك «إسرائيل» مصلحةً خاصّة في تجنيسهم. لنا أن نتخيل، دون التمتّع بمخيّلةٍ خصبةٍ بالضّرورة، ما الذي يقصده القانون بالتماهي مع «إسرائيل»، ولأي مساهمة اقتصادية أو أمنية جدية يرمي، وأي أفرادٍ تشملهم هذه المصلحة الخاصة. هذه البطاقة حكرٌ على العملاء، بالطبع. ليس غريبًا على الاحتلال توظيف نظامه البيروقراطي في ابتزاز الفلسطينيين، كاشتراط منح تصريح دخول لتلقي العلاج بتقديم معلومات استخباراتية، أو مقايضة تصريح عمل بالتعاون مع الاحتلال. كما تستخدم سلطات الاحتلال تصاريح العمل خصوصًا كوسيلة ابتزاز جماعي في محاولةٍ للاحتواء والتدجين والضّغط الاقتصادي. تندرج تحت هذه الغاية قرارات حكومة الاحتلال مؤخّرًا برفع «حصّة» تصاريح العمل الممنوحة لسكّان غزّة لعشرين ألفًا، واقتراح جيش الاحتلال توسيع نطاق تصاريح العمل لسكان الضفة في أعقاب عمليتي بني براك وتل أبيب. يرى جيش الاحتلال أن زيادة تصاريح العمل تسهّل مراقبة وتتبّع الفلسطينيين وتساهم في تقليل العمليات الفدائية واحتواء الهبّات الشعبية.  

الملفت في القانون أن الابتزاز «مُقَوْنَن» وليس فعلًا أو قرارًا سياسيًّا يمارسه ضابط مخابرات، ممّا يعزز القناعة بأن نظام التصاريح ليس آليةً لضبط وخنق الفلسطينيين ومراقبتهم فحسب بل يمكن أن يستخدم كذلك لإسقاطهم واستغلالهم.

امتعض سياسيّو اليسار الصهيوني المشارك في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بعد إعادة سنّ «قانون المواطنة والدخول إلى «إسرائيل»» في 10 آذار الماضي. يلطخ سجل قوانيننا، ويشوّه سمعتنا ويتنافى ومبادئنا الديمقراطية، هكذا قالوا. هكذا هم دائمًا، منشغلون بجماليّات سجل قوانينهم ويخشوْن على سمعة دولتهم وعلى سردية «القيم الديموقراطية» المتخيلة التي يريحهم الاحتماء بزيفها.

ما منظومة قوانين الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته وسياساته سوى تكثيفٍ للعنف اليوميّ البيروقراطي الذي توظّفه أجهزة الدولة لفرض سيطرتها على مشاعر الناس وأجسادهم.

كانت وزيرة الداخلية أيليت شاكيد أكثر وضوحًا واتّساقًا منهم: «دولة يهودية وديمقراطية 1، دولة لجميع مواطنيها 0»، هكذا غرّدت على تويتر بعد سنّ القانون. قالتها مرارًا وتكرارًا من دون رتوش أو اهتمامٍ بالصوابية السياسيّة: لهذا القانون هدفٌ ديموغرافيّ لا يجب الخجل منه. تسعى شاكيد لتحويل هذا القانون من «أمر مؤقّت» إلى جزءٍ من «قانون أساس الهجرة» الذي تخطّط لسنّه قريبًا،[7] قانونٍ ذي مرتبةٍ دستورية سيثبّت سياسات الفوقية العرقية التي تأسّست عليها المنظومة الاستعمارية الصهيونية.

بالنسبة لشاكيد والمنظومة القيمية المهيمنة التي تمثّلها، ليست المحافظة على «التوازن» الديمغرافي وحماية «دولة اليهود» من «القنابل الديموغرافية الموقوتة» ومنع دخول الفلسطينيين بموجب لم الشمل مجرد أهدافٍ مشروعة، بل هي واجباتٌ قوميّة. واجباتٌ لا تتأثّر أو تتبدّل بتشكيلة الحكومة ووزرائها وحلفائها. قد تُصاغ بكلماتٍ مختلفة وقد تُنفّذُ بقسوة أقل ظهورًا، وقد تتّكئ على سياسيّين فلسطينيّين متواطئين مذعنين، ولكن جوهرها واحد: المحافظة على الهيمنة الصهيونية.

غير أنّ الاعتبار الديموغرافي على أهمّيته ووضوحه يجب ألّا يغفلنا عن وظائفَ أخرى تؤدّيها سياسات تقييد لم الشمل. إجراءاتٌ مرهقة كطلب لم الشمل وتسجيل الأطفال وما تنطوي عليه من وثائقَ وسير ذاتية وإثباتاتٍ واستنزافٍ نفسي وذهني ومماطلة تضع الفلسطينيّين تحت الرقابة الدائمة وتبسط السيطرة الإسرائيلية على كل تفاصيل حياتهم وأكثرها حميميّةً.

أنتِ واثقة أن الزميل الذي أحببته خلال سنوات دراستك الطب في جامعة النجاح في نابلس هو الشريك الذي تبحثين عنه وتحلمين به، ولكنك تعرفين أن الاحتلال لن يسمح لكما بالعيش معًا في الناصرة مدينتك حيث تحلمين بمزاولة الطب. «مرفوض أمني بسبب نشاطه السياسي»؛ هذا هو الحاجز الذي ستصطدمان به، وهو أقسى وأصعب اجتيازًا من حاجز حوّارة أو زعترة.

الناصرة، تلك المدينة التي رآها في عينيك وسمع صخبها في صوتك ولهجتك، عصية عليه، لا يُسمح له بزيارتها لخطبتك. تعلمين أن كل قرارٍ ستتخذانه مرهون بقوانين وتقييدات لم الشمل التي يفرضها الاحتلال، ولا تجدين ردودًا على مخاوف عائلتك العقلانية، على أسئلتهم عن المستقبل والأولاد، سوى أنك تحبّينه، وهذا ليس ردًّا عقلانيًّا. وتعلمين مع ذلك أن الهرمية القانونية التي فرضها الاحتلال بين أبناء الشعب الواحد تعني أن وضع زميلتك المقدسيّة المرتبطة بشابٍّ من رام الله أكثر حساسية. هي قد تفقد إقامتها في القدس لو انتقلت للعيش معه في رام الله لأن القانون يعتبرها «مقيمة دائمة». أنتِ لن تفقدي إقامتك في الناصرة لأنك تحملين الجنسية الإسرائيلية التي فُرض حملها على فلسطينيي 48 بعد النكبة. تراتبيّة لم تخترها أيّ منكما، وواقعٌ استبداديٌّ واحد مزّق أهل البلاد، فصل الناصرة عن نابلس وعكّا عن غزّة والقدس عن رام الله، وقوانين تثبّت هذا الفصل والتمزيق وتحدد الأشخاص الذين يحق لكما أن تحبّا حسب ألوان بطاقاتٍ سخيفة.

 ما منظومة قوانين الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته وسياساته سوى تكثيفٍ للعنف اليوميّ البيروقراطي الذي توظّفه أجهزة الدولة لفرض سيطرتها على مشاعر الناس وأجسادهم. وفي سياساتٍ كتقييد لم الشمل وتجريد المقدسيّين من إقاماتهم وتعقيد إجراءات تسجيل أطفالهم في القدس حين يكون أحد الوالدين من الضفة أو غزة، يكون هذا العنف اليومي ركنًا من أركان نظام القهر والهيمنة والتهجير القسري البطيء، وأداةً لتجزئة الشعب الفلسطيني وترسيخ التقسيمات القانونية وإخضاع مشاعر الفلسطينيين لنظام التصاريح والحدود والتراتبية. تعرض لنا سلطات الاحتلال الإسرائيلي نموذجًا صارخًا وفجًّا لهذا العنف اليومي الممارس على الشعب المستعمَر، بينما يقدم لنا الفلسطينيّون أمثلةً على مقاومة هذا العنف أو مناورته أو الالتفاف عليه، وأحيانًا الاعتراف بالهزيمة أمامه. كثيرون يختارون السكن في كفر عقب رغم اكتظاظها وظروفها المعيشية الصعبة، بسبب وضعيتها القانونية المزدوجة: فهي، حالها حال مخيم شعفاط، تابعة لحدود بلدية الاحتلال في القدس ولذلك لا يفقد المقدسيون الذين يقطنونها إقامتهم في القدس، ولكنها كمخيم شعفاط تقع خلف جدار الضم والتوسّع، ولذلك يمكن للفلسطينيين من الضفة الغربية دخولها دون الحاجة لتصريحٍ إسرائيلي. «ليست جميلةً أو مريحةً ولا نحس بالانتماء لها لكنها أرض محايدة» يقول مقدسي يعيش مع زوجته وطفله في كفر عقب. كلّ جيرانه في البناية «لجؤوا» إلى كفر عقب للسبب عينه: «نص قدس، نص ضفة». يمكن أن ندعوهم «لاجئي قانون المواطنة والدخول».

البعض يدير حيواتٍ موازية بين الضفة والداخل، والبعض الآخر يعيش حيواتٍ معلّقة. ثمّة من يختارون بين البلد والحب، وثمّة نساءٌ من الضفة الغربية يُرغمن على البقاء في علاقاتٍ زوجيّة عنيفة وتعسّفية في القدس لحماية مصالح أطفالهن في العيش في مدينتهم والمحافظة على إقامتهم. وثمّة من يُكرههم هذا العنف الصامت على الرحيل بعد أنْ ضاقت عليهم أرضهم بما رحُبَتْ.

تَجمعُ كلَّ هؤلاء على اختلاف قراراتهم ومساراتهم ومصائرهم جراحٌ وندوبٌ لا تُرى، ويجمعهم معجمٌ أسريّ أعادت قوانين الاحتلال تشكيله بعنفٍ بيروقراطيٍّ باردٍ. عنف لا يقلّ وطأةً أو خطورةً عن القمع العسكري المباشر، يتسلّل تحت الجلد ويعلق بين الأسنان، يَحكُمُ حيوات الفلسطينيّين ويُحِكمُ الخناق على حبّهم وحميميّتهم.

  • الهوامش

    [1] سنّ الكنيست الإسرائيلي هذا التّعديل لقانون الدخول إلى «إسرائيل» في 7 آذار 2018، وتخوّل المادّة 11(أ)(1) وزير الداخليّة بتجريد الشخص من إقامته الدّائمة إذا «ثبُت» له أن المقيم نفّذ عملًا من شأنه «خرق الولاء لدولة «إسرائيل»». أُقِرَّ هذا التّعديل ردًّا على قرار المحكمة الإسرائيليّة العليا بعدم جواز تجريد أربعة شبّان مقدسيّين من إقاماتهم الدائمة دون تفويض قانوني. لم ترفض المحكمة قرار سحب الإقامة بحد ذاته بل اعترضت على اتّخاذه بغيّاب نصٍّ قانونيّ صريح، ثُقبٌ بسيط لم تتأخّر سلطات الاحتلال في إصلاحه. 

    [2] سنّ الكنيست «قانون العودة» في العام 1950، وبموجب المادة الأولى منه «يحق» لكل يهودي الهجرة إلى فلسطين. هذا القانون هو أحد أعمدة نظام القهر والهيمنة الإسرائيلي.

    [3] سنّ الكنيست «قانون المواطنة» في العام 1952 وتمنح المادة الثانية منه كل يهودي هاجر إلى فلسطين بموجب «قانون العودة» الحق في اكتساب الجنسيّة الإسرائيلية تلقائيًّا.

    [4] سنّ الكنيست هذا القانون للمرّة الأولى في 31 تمّوز 2003 وسمّاه حينها أمرًا مؤقّتًا أُقرَّ لدوافعَ أمنية، إلا أن هذا الأمر المؤقّت مُدّدَ سنويًّا وصادقت المحكمة الإسرائيلية العليا على جوازه في مناسبتين منفصلتين، الأولى في العام 2006 والثانية في العام 2012. فشلت حكومة الاحتلال بقيادة نفتالي بينيت بتأمين الأكثرية المطلوبة لتمديد هذا القانون بعد دراما داخلية بين أحزاب الائتلاف والمعارضة لتنتهي صلاحيّته في تمّوز 2021. في الأسابيع والأشهر التي تلت انتهاء صلاحية القانون قدّم آلاف الفلسطينيّين طلبات لم شمل وإقامة غير أن موظّفي وزارة الداخلية الإسرائيلية، بإملاء من الوزيرة أيليت شاكيد، رفضوا النظر في أيٍّ من هذه الطلبات وتركوها تتراكم تحت طبقاتٍ من الغبار وتصرّفوا كما لو أن القانون ما زال ساري المفعول. وهكذا استمرّت المماطلة حتى إعادة سنّ القانون بتعديلات طفيفة. 

    [5] معظم الأسماء الواردة في هذا النصّ مستعارة ولكن أصحابها أشخاصٌ حقيقيّون وقصصهم وتجاربهم حقيقيّة، بعضهم أصدقائي وزملائي وآخرون تعرّفت إلى قصصهم أثناء عملي واحتفظت ذاكرتي بكلماتهم وأفكارهم.

    [6] تستعين سلطات الاحتلال بالمادة 119 من لوائح الطوارئ والدفاع البريطانية للعام 1945 كأساسٍ قانوني لهدم بيوت العائلات الفلسطينية عقابًا للعائلة على عمليّة فدائيّة نفّذها أحد أفرادها.

    [7] لا تملك دولة الاحتلال دستورًا مكتوبًا ولكنّ «قوانين الأساس» التي يصادق عليها الكنيست تتمتّع بصفة دستوريّة، وتعديل أي مادة فيها يستوجب أغلبية خاصة (أكثر من نصف أعضاء الكنيست، أي 61 عضوًا على الأقل، لا أغلبية الحاضرين في الجلسة). أحد هذه القوانين يدعى «قانون أساس القدس عاصمة «إسرائيل»» الذي سُنّ في تمّوز 1980. تصرّح المادة الأولى من هذا القانون أن «القدس الكاملة والموحّدة هي عاصمة «إسرائيل»» وتشير المادة السابعة أن تغيير مساحة نفوذ بلدية الاحتلال، كما أعلنت في 28 حزيران 1967، يتطلب أكثرية الثّلثين.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية