من سيف القدس إلى الطوفان: رمضان كهاجس إسرائيلي

الثلاثاء 27 شباط 2024
قوات الاحتلال في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان الماضي. تصوير أحمد الغربلي. أ ف ب.

يحضر رمضان باستمرار على الأجندة الأمنية الإسرائيلية، لكن ذلك لا يعني أنّ المشهد الذي امتدّ في رمضان 2021 في صورة «معركة سيف القدس» هو الأصل الثابت في موقع رمضان من كفاح الفلسطينيين ضدّ الكيان الإسرائيلي.

انتقلت الأحداث وقتها من سلسلة تفاعلات في القدس، في باب العمود وحي الشيخ جراح واقتحامات المستوطنين الصهاينة للمسجد الأقصى، في مشهدية كفاحية ملحمية لفّت الفلسطينيين في كلّ مكان، وصولًا إلى المعركة المسلحة التي خاضتها المقاومة من قطاع غزّة إسنادًا للمقدسيين وتفاعلًا مع الهبّة العامّة ودفاعًا عن المسجد الأقصى وتأكيدًا على الموقع الوطني العامّ للمقاومة المتمركزة في قطاع غزّة، والتي منحت المواجهة اسم «سيف القدس» وصارت العنوان الجامع لهبّة الفلسطينيين الشاملة.

في معركة سيف القدس اجتمعت ثلاثة عوامل صاغت الملحمة، أوّلها التفاعلات المستمرّة التي جعلت القدس، وفي قلبها المسجد الأقصى، في صدارة الحالة الكفاحية الفلسطينية منذ العام 2014، منذ هبّة الطفل محمد أبو خضير، مرورًا بهبّة القدس 2015 والتي عُرِفت بهبّة السكاكين، ثمّ هبة باب الأسباط 2017، فهبّة باب الرحمة 2019، ليجتمع في العام 2021 هذا التراكم النفسي المعنوي الناجم عن الخطّ المتجدد للهبّات المقدسية، والذي كثّفَ الرؤية الفلسطينية العامّة نحو القدس مع تزامن عيد الفصح اليهودي مع رمضان ذلك العام، وتصعيد الاقتحامات اليهودية الصهيونية للمسجد في أثناء إصرار أعداد من المعتكفين على البقاء فيه رغمًا عن إرادة الاحتلال، ثمّ تحفّز المقاومة في غزة للدخول على خطّ الأحداث ومنحها بعدًا آخر.

كان عام 2021 استثناءً بهذه العوامل الثلاثة، وهو الأمر الذي مدّ التحفز إلى العام التالي لاستمرار ذلك التزامن، وتحوّل المسجد الأقصى في رمضان اختبارًا لمفاعيل معركة سيف القدس، ومحاولة كلّ طرف الاستعلاء بإرادته على الآخر، فمن جهة شعر الفلسطينيون بضرورة البناء على مكاسب معركة سيف القدس وفرض الاعتكاف الفلسطيني المفتوح في الشهر من أوّله لا في العشر الأواخر فحسب، بينما نظرت المؤسسة الإسرائيلية للمسجد الأقصى بوصفه من العناوين الأولى لمعركة السيادة على القدس، فتطابقت إجراءاتها مع مشاريع جماعات الصهيونية الدينية.

لم تنقطع الاقتحامات الصهيونية الدينية بالحماية الأمنية الإسرائيلية للمسجد الأقصى في رمضان 2023، كما باتت مجمل الممارسة الإسرائيلية تجاه المسجد الأقصى طوال العام، إلا أنّ مساحة الاحتكاك والتوتر كانت أقلّ من العامين الماضيين. فمن أين يأتي القلق الإسرائيلي من شهر رمضان، وما علاقته بالمسجد الأقصى؟

رمضان والأقصى والحالة النضالية

بالنسبة للفلسطينيين يمكن الحديث في قضيتين، الأولى هي الاستثمار في الحالة الإيمانية المتأتية من روحانية الشهر وتعاظم الاجتماع أثناءه في المساجد، واستعادة المواقع الجهادية الكبرى التي حصلت أثناءه كمعركة بدر وفتح مكة، وربط الصيام بالجهاد بوصفه مجاهدة لصيقة لشهوات النفس وما يتصل بذلك من قيم الصبر والتراحم، وفي إطار هذه القضية كانت خطابات حركة حماس في الانتفاضة الأولى تجعل من الشهر مناسبة للتذكير بتلك المعاني، ومن بعض أيامه مناسبة للتصعيد في فعالياتها الشعبية، إلا أنّ ذلك لا يعني بالضرورة فورية نضالية منبعثة من هذا الخطاب الإيماني، فإمّا أنّ رمضان كان يأتي متزامنًا مع حالة كفاحية قائمة بالفعل فتكون الإضافة بالدرجة لا بالنوع كما في الانتفاضتين، أو يمر باعتباره خطابًا اعتاد عليه الفلسطينيون في هذا الشهر من كل عام.

وتتمحور القضية الثانية حول التلازم بين رمضان والمسجد الأقصى، إذ من عادة الفلسطينيين شدّ الرحال إليه أيام الجمع وفي رمضان، للخصوصية الدينية لهذه المناسبات التي تُربط بالبداهة الدينية بما تختص به فلسطين من مقدس مكاني وهو المسجد الأقصى. هذه العادة بدأت تتعثر بالإجراءات الإسرائيلية مع تأسيس السلطة الفلسطينية إذ بات الوصول من الضفة الغربية للمسجد الأقصى محكومًا بالتصاريح الأمنية الإسرائيلية، وهو الأمر الذي تعقّد تمامًا بعد انتفاضة الأقصى، ليعود الاحتلال تاليًا بعد انتهاء الانتفاضة، وبعد ما يسمى بالانقسام، إلى انتهاج سياسات أمنية متجددة كل عام بخصوص وصول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى القدس.

القرار الإسرائيلي مع الحرب على غزة يتجه لمنع أهالي الضفة الغربية، رجالًا ونساء، من الوصول للقدس، وتقييد وصول الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، وأهالي القدس أنفسهم، تحت سقف عمريّ لأوّل مرّة.

من نافلة القول إنّ القدس كانت جزءًا من الضفة الغربية، لكون شرقيها كما بقية المنطقة التي أطلق عليها الضفة الغربية؛ صارت من بعد النكبة، جزءًا من المملكة الأردنية الهاشمية، إلى حين احتلالها عام 1967، ثمّ أمعن الاحتلال في فصل القدس بفرض بطاقات هوية خاصة على المقدسيين، ثمّ بالبناء الاستعماري الذي سماه القدس الكبرى، وعزل به القدس تمامًا عن فضائها الجغرافي والديمغرافي الممثل بالضفة الغربية، والتي يجد أهلها كما بقية الفلسطينيين في المسجد الأقصى أحد مكونات هويتهم الوطنية والقومية بالإضافة لقداسته الدينية، وأحد عوامل التثوير المهمة منذ هبة البراق عام 1929، مرورًا بمجزرة المسجد الأقصى عام 1990، ثم هبة النفق 1996، فالملحمة الكبرى المسماة انتفاضة الأقصى عام 2000، عبورًا بسلسلة الهبات القريبة سالفة الذكر، وصولًا إلى «طوفان الأقصى» الراهنة.

مع الوقت، صار وصول أهالي غزّة إلى المسجد الأقصى مستحيلًا إلا حالات محدودة للغاية، وبقي وصول أهالي الضفة الغربية وفق تصاريح أمنية لا تُمنح لأكثرهم، أو سقف عمري كان يصعد ويهبط بحسب التطورات الأمنية ورؤى المؤسسة السياسية الإسرائيلية المتحولة، وهو ما كان يعني آلاف محاولات الوصول عنوة بالتهريب كلّ جمعة لمن لا تنطبق عليهم المعايير الإسرائيلية، وبما كان ينتهي ببعضهم إلى الاعتقال أو الكسر لسقوطه عن الجدار الفاصل، وسوى ذلك من مخاطر مترتبة على محاولات الوصول للأقصى.

وفي حين صار مسموحًا للفلسطينيين من الضفة الغربية الوصول للقدس في رمضان ضمن سقف عمري معين للرجال تحديدًا دون سقف للنساء، فإنّ القرار الإسرائيلي مع الحرب على غزة يتجه لمنع أهالي الضفة الغربية، رجالًا ونساء، من الوصول للقدس، وتقييد وصول الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، وأهالي القدس أنفسهم، تحت سقف عمريّ لأوّل مرّة.[1]

طوفان الأقصى يشعل الهوس الإسرائيلي برمضان

تعكس النقاشات الإسرائيلية حول قيود الوصول إلى المسجد الأقصى في رمضان هذا العام أثناء الحرب على غزّة، مع تباين في الرأي داخل المؤسسة الإسرائيلية، هوسًا إسرائيليًّا برمضان غير مسبوق في تاريخ الصراع، حتى مع وقوع حرب تشرين الأول 1973 في رمضان، التي لم يكن لها كبير أثر على رؤية الإسرائيليين لموقع رمضان بالنسبة للفلسطينيين، بل كانت المؤسسة الإسرائيلية في إعلامها الرسمي الناطق بالعربية، قبل تأسيس السلطة الفلسطينية، تسعى لإظهار تفاعلها مع المسلمين في الشهر الكريم.

بدأ هذا الهوس بعد العام 2021، أي بعد معركة سيف القدس، ولسبب عيني واقعي تمثل في تزامن الأعياد اليهودية مع رمضان، ومساعي أحزاب الصهيونية الدينية لتكريس وقائعها في المسجد، وهو الأمر الذي امتد للعام الذي يليه، وترافق مع التعاطي الإعلامي الإسرائيلي المستجد برمضان من طرف الإسرائيليين الذين لم يزل للإعلام التلفزيوني تأثيره لديهم، وهو ما ساهم في تكريس ذلك الهوس. ومع تصاعد العنصرية الدينية، أصبحت الأطروحات الغرائبية ذات الطبيعة الاستشراقية جذابة أكثر لجمهور عنصري على احتكاك مصيري مع الآخر الذي هو الفلسطيني المسلم.

عام 2015، كتب المستشرق الإسرائيلي مردخاي كيدار مفسّرًا تصاعد العمليات في فلسطين، ومعلقًا على بعض الأحداث التي شهدتها المنطقة وقتها، رابطًا بين حصولها وشهر رمضان الذي أطلق عليه «رمضان العنيف»، فقال بعد أن قدم تعريفًا للجمهور الإسرائيلي برمضان وشعائر المسلمين فيه:

«التقرب إلى الله خلال شهر رمضان يعني زيادة الصلاة، وزيادة صلاة الليل، وقضاء ساعات طويلة في المسجد، والاستماع إلى المواعظ الدينية من الدعاة والمتحدثين، والحرص الزائد على أداء الوصايا وتجنب التجاوزات. وفي الوقت نفسه، وعلى مدار تاريخ الإسلام، كان رمضان أيضًا شهر مجد للإسلام، حيث إن العديد من المعارك التي خاضها المسلمون في رمضان انتهت بانتصار الإسلام، ويعزى النصر إلى التزام الأمة الإسلامية بفريضة الصيام. نحن في هذه الأيام من حالة الوعي الديني الجماعي المتزايد، ولا شك أن الأجواء المشبعة بأبخرة الوقود الديني تؤثر على ما يحدث في العالم الإسلامي».

هذه رؤية استشراقية مبالغ فيها، إلا أنّ المهم هو تأثير كيدار هذه الأيام على الجمهور الإسرائيلي، الذي يُستعاد للتعقيب في سياق السجال الإسرائيلي الداخلي حول القيود التي يُناقش فرضها على وصول المسلمين الفلسطينيين للمسجد الأقصى، وبما يكشف عن جوهر دواعي الساعين لتكريس هذه القيود وتحولات الكيان الإسرائيلي نحو المزيد من اليمينية العنصرية.

يعيد كيدار في عدد من القنوات التلفزيونية الإسرائيلية، التذكير بنظرياته الخاصة حول المسجد الأقصى، فالمسجد الذي بالقدس ليس هو المقصود في سورة الإسراء، ثمّ إنّ الشعائر الإسلامية، والكلام لكيدار، لا توجب على المسلمين زيارة المسجد الأقصى في رمضان. ليست القضية هنا في أنّ كيدار يحاول أن يبدو وكأنّه أعرف من المسلمين بشريعتهم، ولكن الأهمّ رؤيته الرافضة للسجالات الدائرة التي تنظر إلى المسجد الأقصى بوصفه وضعًا أمنيًّا بما في ذلك وصول المسلمين له في رمضان، تبدو هذه الرؤية صالحة لتفسير التباينات بين وزير الأمن القومي الإسرائيلي زعيم حزب «العظمة اليهودية» بن غفير، وبين المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ولا سيما «الشاباك».

قد تظهر رؤية بن غفير بوصفها الأكثر مناسبة للإسرائيليين، من الناحية الأمنية القائمة، وهي الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة، مع تحفز مشاعر الفلسطينيين إزاء ذلك، وإمكان تحوّل الاجتماع في المسجد الأقصى إلى فرصة للمواجهة.

يقترح بن غفير منعًا مطلقًا لوصول فلسطينيي الضفة الغربية إلى لقدس، مع تقييد عمري لشرائح من فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48، وبينما يقترح الشاباك تقييدًا عمريًّا لسكان الضفة وسماحًا مطلقًا لفلسطينيي الـ48، فإنّ الشرطة الإسرائيلية تتخذ موقفًا وسطًا بزيادة القيود العمرية التي يقترحها الشاباك على سكان الضفة، وتخفيض القيود العمرية التي يقترحها بن غفير لأهالي الـ48، أو استهداف أشخاص معينين بالمنع دون تحديد سقف عمري للجميع. تقول الشرطة الإسرائيلية إنها قادرة على تحديد خمسة آلاف فلسطيني من الداخل المحتل، من شأنهم إثارة الأحداث في المسجد الأقصى، ومن ثمّ الاكتفاء بمنعهم دون غيرهم.

لا يعني ذلك أن بن غفير أكثر قلقًا من المؤسسة الأمنية، ولا أنّ المؤسسة الأمنية أكثر اطمئنانًا، ولكن الأمر من جهة يرجع إلى الجانب المهني، إذ تعوّل المؤسسة الأمنية باستمرار على قدرتها على احتواء أي تصعيد في الأقصى وتشديد القيود لاحقًا بحسب التطورات، ومن جهة أخرى تحاول النظر إلى مدى استراتيجي أكثر بعدًا من المخاطر الأمنية الراهنة.

بن غفير بدوره، في كلّ النقاشات، يذكّر بفشل المؤسسة الأمنية في توقع عملية «طوفان الأقصى» وبأنه لا ينبغي الاطمئنان إلى تقديراتها بخصوص فلسطينيي الـ48، إلا أنّ المؤسسة الأمنية، وتحديدًا الشاباك، تخشى من توسيع مساحة الوعي الفلسطيني والعربي والإسلامي بالحرب الجارية الآن على غزّة، إذ يقول رئيس الشاباك رونين بار إنّ هذا المنع الواسع والتقييد الكبير لوصول المسلمين للمسجد الأقصى، يعني تصوير «إسرائيل» في وضع من الحرب الدينية ضد المسلمين كلهم، في حين تسعى «إسرائيل» إلى تصويرها حربًا ضدّ حماس فحسب، ومن ثمّ فهذا المنع والتقييد يفكّك الفصل بين الساحات التي تسعى «إسرائيل» إلى تكريسه وترى أنها نجحت في ذلك، أمّا الشرطة فمقترحها تقني صرف يلاحظ العبء الذي يمكن أن يكون ملقى عليها، بينما يخشى الجيش من مفاعيل فورية لقرار المنع من شأنه أن يضطره لنقل قطاعات من قواته خارج ميدان المعركة الأساس.

تعكس النقاشات الإسرائيلية حول قيود الوصول إلى المسجد الأقصى في رمضان هذا العام أثناء الحرب على غزّة، مع تباين في الرأي داخل المؤسسة الإسرائيلية، هوسًا إسرائيليًّا برمضان غير مسبوق في تاريخ الصراع.

يطالب بن غفير بألا يزيد عدد المصلين في المسجد الأقصى عن خمسة آلاف مع تصريح مفتوح للشرطة الإسرائيلية باقتحام المسجد كلما رُفعت شعارات مؤيدة لحماس أو صور لقادتها، أمّا نتنياهو الذي يرى في أربعين إلى خمسين ألفًا رقمًا معقولًا، فإنه لا ينظر فقط إلى الموازنة بين مختلف الأطراف المؤثّرة بين متخذي القرار الإسرائيليين وحساباته إزاء ذلك، ولكنه أيضًا يفكّر في انعكاس ذلك على مستوى الدعاية السياسية الإسرائيلية في الإقليم والعالم.

يحاجج بن غفير بأنّ رفع شعارات حماس وصور قياداتها يعني أنّ المعركة ضدها فشلت، وإذا كان دخول اليهود للمسجد مقيد فينبغي تقييد دخول المسلمين، وبينما يهتم الشاباك بالصورة وبقضية السيادة فإنّه لا يتحمّس للجانب الديني الكامن في أطروحة بن غفير. فتقييد المسلمين كما هو تقييد اليهود، يعني أنّ الإجراء الأمني الإسرائيلي يرتكز فقط إلى كون المسجد الأقصى مكانًا يهوديًا بكلّيته، هنا بن غفير يرغب بالعودة منتصرًا إلى جمهوره اليميني الذي يستعجل إقامة الهيكل وينتظر نزول المسيح المخلص بعد معركة يأجوج ومأجوج، ولكنه في الوقت نفسه يسعى لتحول مفهوميّ في وضعية المسجد الأقصى، وهو ما تحدث عنه مردخاي كيدار.

كيدار في تعقيباته على نقاش فرض القيود هذا يقول إنّ الاعتبار الأمني خاطئ، ولكن وصول المسلمين للمسجد الأقصى ينبغي أن يستند إلى كونه مكانًا خاصًّا باليهود، بمعنى أنّ المسلمين سيكونون ضيوفًا على اليهود، أو بحسب تعبيره: «هذا مكاننا، مدينتنا، هذا مكان معبدنا، أنتم مدعوون للمجيء إلى هنا، فقط احذروا. من يفعل فوضى سنطرده، لماذا؟ لأنكم ضيوفنا». النقاش بالنسبة لكيدار هو في القاعدة وليس في الإجراءات، بمعنى على أي قاعدة يُسمح للمسلمين بالوصول إلى المسجد الأقصى؟ والجواب على قاعدة أنّ هذا ليس مكانًا للمسلمين، وأنّ معاملتهم الأمنية فيه ومستويات السماح لهم بوصوله منوطة باحترامهم لمضيفهم اليهودي وشروطه!

يقدّر كيدار أنّ مجرد إعلان هذه القاعدة سيدفع أعدادًا كبيرة من المسلمين للامتناع عن الوصول للمسجد الأقصى حتى لا يمنحوا هذا الادعاء اليهودي الشرعية، وبحسب كيدار فإنّ التسامح المفرط يعني أن تقتل «إسرائيل» نفسها كما تفعل أوروبا اليوم بسماحها بهحرة المسلمين إليها «الذين يجلبون مساجدهم معهم»، أمّا اليونان التي يستدل بها على صوابية رأيه، فهي تمنع المسلمين من بناء المساجد على أراضيها أصلًا.

سيتخذ نتنياهو القرار بخصوص مستويات تقييد وصول المسلمين الفلسطينيين للمسجد الأقصى في الأسبوع الأوّل من رمضان، وهو قرار قابل للتعديل بحسب التطورات الأمنية. سيكون قرار نتنياهو على الأرجح وسطًا بين مختلف تلك الآراء، لكن طبيعة هذا السجال تكشف المسار الإسرائيلي بخصوص المسجد الأقصى، وما ينبغي أن يُلاحظه العرب والمسلمون، والحالة هذه، هو عين المؤسسة الإسرائيلية الراسخة على كيفيات التعامل العربي والإسلامي مع هذه القضية، بما في ذلك ساحات الفلسطينيين المتعددة، بينما هناك أوساط إسرائيلية لا تقيم وزنًا لذلك، أو تعتقد أنّ كلّ ردّ فعل سيكون محدودًا أو قابلًا للاحتواء.

  • الهوامش
    [1] حين القول «أوّل مرّة» عن إغلاق المسجد الأقصى أمام شرائح عمرية من المقدسيين وأهالي الأراضي المحتلة عام 1948، فإنّ ذلك بالنظر لاستمرار هذا الإغلاق المُقترح الآن بهذا النحو طول شهر رمضان في حال لو أُقرّ هذا المقترح، إلا أنّ إغلاق المسجد في وجوه الفلسطينيين كلّهم أو فرض قيود عمرية على المقدسيين للوصول إليه كان يحصل في أوقات سابقة مخصوصة لاعتبارات أمنية أو مناسبات إسرائيلية.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية