عودة المدارس في كورونا

عودة غير مكتملة: كيف سارت الإجراءات الوقائية قبل تعليق دوام المدارس؟

طلاب يرتدون الكمامات ويقفون في طابور أول يوم دراسي في إحدى مدارس عمان. تصوير خليل مزرعاوي. أ ف ب

عودة غير مكتملة: كيف سارت الإجراءات الوقائية قبل تعليق دوام المدارس؟

الأربعاء 16 أيلول 2020

في الأول من أيلول الحالي، أعلنت وزارة التربية والتعليم عودة 2.5 مليون طالب وطالبة للدراسة. لكن لم تكن هذه العودة كالمعتاد، فالطابور الصباحي بلا إذاعة مدرسية، والدوام ليس يوميًا في كل المدارس، بينما يحاول الطلبة الالتزام بارتداء الكمامة. كان ذلك ضمن إجراءات أقرتها الوزارة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، كان آخرها الإثنين، بتعليق الدوام أسبوعين لغالبية الصفوف.

من شرفة مطلة على مدرسة حكومية للصفوف الأساسية في عمّان، كانت مجموعة من الطلبة قد قررت خرق حظر استخدام الساحة المدرسية خلال الاستراحة البالغ مدتها 10 دقائق، في أحد أيام الدوام. يرتدي بعضهم الكمامة كما يجب، بينما يعلقها طلبة على أعناقهم ويتخلى آخرون عنها تمامًا، يركضون خلف بعضهم البعض، ويتناول بعضهم طعامه. فور الانتهاء من تناول الطعام توزع طالبات معقم اليدين بينهنّ. 

في مدرسة حكومية بجانبها تضم طالبات من الصف السابع وحتى الثانوية العامة (التوجيهي)، ترى معلمة الرياضيات إيناس (30 عامًا) أن الطلبة الأكبر سنًا أكثر وعيًا وقدرة على تطبيق إجراءات التباعد والبروتوكول الصحي، ومع ذلك «ما في أي بروتوكول صحي بقدر يمنع طلاب المدارس من الاختلاط ببعضهم (..) بزبطش تجيب ولد صغير تعطيه سبع حصص وتحكيله ما تلعب». أما فاطمة أحمد (48 عامًا)، وهي مديرة مدرسة خاصة في عمّان، فواجهت صعوبة بالتزام الطالبات الأكبر سنًا. «بتكون مش مقتنعة وبتقول أنا مش مريضة وصاحبتي مش مريضة»، تقول فاطمة.

مع تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد  في الأردن، وبلوغ عدد الطلبة المصابين حتى يوم الثلاثاء 15 أيلول 80 طالبًا وطالبة، إضافة لإصابة 51 معلمًا ومعلمة، وستة عمال نظافة، وموظفين اثنين في إحدى مديريات التربية، أعلنت الحكومة تعليق الدوام المدرسي لمدة أسبوعين، اعتبارًا من يوم الخميس المقبل، للصفوف من الرابع الأساسي وحتى الأول الثانوي إلى جانب رياض الأطفال، على أن يترك لأولياء الأمور للصفوف الثلاثة الأولى الخيار بين التعليم الوجاهي والتعليم عن بعد. فيما ظلّ تعليم الصف الثاني الثانوي وجاهيًا في الغالب، حسب التعليمات السابقة.

أثار قرار العودة للتعليم عن بعد جدلًا بين أوساط معلمين وأهالي طلبة ومختصين. في مقابلات أجرتها حبر، انقسمت الآراء بين مؤيدين للقرار باعتباره إجراءً ضروريًا للحد من انتشار الوباء، ومعارضين لأسباب مختلفة منها أن التعليم في الصف المدرسي أفضل، أو أن انتشار الإصابات في المدارس ليس واسعًا. فيما سبق القرار جدل آخر حول إمكانية تطبيق إجراءات التباعد والبروتوكول الصحي للحدّ من انتقال الفيروس في المدارس.

هل طبُقت الإجراءات الوقائية خلال الدوام؟

مطلع الشهر، أصدرت وزارة التربية والتعليم نسخةً محدّثة من دليل العودة للمدارس، حذفت منها المصفوفة التي كانت الحكومة اعتمدتها سابقًا، والتي دعت لإغلاق المدارس في ظل وضع وبائي كالوضع الراهن. شمل الدليل، الذي صدرت أحدث نسخة منه في 13 أيلول، إرشادات سلامة ونظافة عامة، وخارطة طريق لعودة المدارس، ومعلومات حول كوفيد-19 والوقاية منه. كما شرح سيناريوهات مقترحة لعودة الطلبة لمدارسهم وفق الوضع الوبائي لكل منطقة؛ أي إذا ما كانت مفتوحة بالكامل، أو بينية (عزلت فيها مجموعة بنايات)، أو مغلقة بالكامل، كما يوضح الجدول أدناه.

يطلب الدليل من المدارس أن يكون تنفيذ الطابور الصباحي بأقل مدة ممكنة، ولصف واحد أو اثنين كل يوم، مع التزام الطلبة بالإجراءات الوقائية والتباعد مسافة مترين، بين كل طالب وآخر.

توضح المعلمة إيناس أن مدة الطابور في مدرستها لم تكن تتجاوز خمس دقائق، فيما قضت الطالبات الفرصة في الغرف الصفية، وكان عليهن إحضار طعامهن من المنزل، فالمقصف لا يعمل. وتضيف أن اليومين الأولين من العام الدراسي خُصّصا لشرح البروتوكول الصحي، من لبس الكمامات والتعقيم المستمر وغسل الأيدي بالطريقة السليمة والتباعد الجسدي للطالبات، إضافة لمراجعة استدراكية لمواد سابقة. فيما تلفت المعلمة فاطمة إلى أن حصص الرياضة أقيمت في ساحات واسعة مكشوفة بحسب التعليمات، بحيث يلعب الطلبة ألعابًا لا تحتاج التلامس والاقتراب، مثل سباق الركض.

«جننونا بالكمامة لازم كمامة في كل مكان. المدرسة حلوة بس الكمامة لأ»، يقول بكر، طالب في الصف الثالث في إحدى المدارس الخاصة في عمان. تعلّق معلمة اللغة العربية في المدرسة ذاتها، ماجدة درويش (52 عامًا)، أن أكثر كلمة ترددها المعلمات للطلبة يوميًا هي «البسوا الكمامة». فيما تقول طالبات قابلتهن حبر في مدرسة ثانوية حكومية في عمّان إنهن يجدن صعوبة بالالتزام في الكمامة خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، ويتخلصن منها في أول فرصة تتاح لهنّ.

بلغ عدد الطلبة المصابين حتى يوم الثلاثاء 15 أيلول، 80 طالبًا وطالبة، إضافة لإصابة 51 معلمًا ومعلمة، وستة عمال نظافة، وموظفين اثنين في إحدى مديريات التربية.

دليل العودة للمدارس يلزم الطلبة والمعلمين والعاملين في المدارس بارتداء الكمامة بحيث تغطي الأنف والفم وأسفل الذقن. ويسمح للمعلم أن يزيل الكمامة بين فترة وأخرى، شرط ابتعاده عن الطلبة في الغرفة الصفية مسافة متر واحد على الأقل، مع توافر تهوية جيدة وفتح النوافذ في الغرفة الصفية. أما فيما يتعلق بالطلبة فإن الكمامة غير ملزمة لمن هم دون ست سنوات، بينما تتفاوت إلزاميتها للطلبة من 6 سنوات إلى 11 سنة حسب الخطورة المترتبة على عدم ارتدائها، دون أن يحدد الدليل تفاصيل ذلك. أما من هم فوق سنّ 12 سنة، فيطبق عليهم ما يطبق البالغين بخصوص لبس الكمامة.

يجلب الطلبة الذين قابلتهم حبر أو قابلت أسرهم كماماتهم معهم من المنزل، سواء من يدرسون في مدارس خاصة أو حكومية. لكن مدارسهم توفر كمامات لمن لا يحملها. في المدارس الحكومية، تقول مديرة مدرسة -فضّلت عدم ذكر اسمها- إنها توفر كمية احتياطية على نفقة المدرسة من الكمامات، دون أن يكون لديها رقم دقيق بخصوص الكمية، إلى حين توفير الوزارة كمامات قماش وعدت بتزويد المدارس بها قريبًا. 

يعلق الناطق باسم وزارة التربية والتعليم، عبد الغفور القرعان، أن الوزارة لم تحدد رقمًا معينًا من الكمامات التي على المدارس الحكومية توفيرها فهو أمر عائد لتقدير كل مدير مدرسة، لافتًا إلى أن هناك عطاء ستطرحه الوزارة قريبًا لتوفير كمامات قماش للطلبة، دون أن يحدد أيضًا التاريخ أو الكمية.

تتباين الإجراءات بين مدرسة وأخرى، ففي إحدى المدارس الحكومية في عمّان التي كان الدوام فيها قد تحول لنظام التناوب، يتوفر مقعد لكل طالبة، إضافة لمعقمات للأيدي في الممرات، لكن عاملة النظافة الوحيدة في المدرسة ليست قادرة وحدها على تعقيم وتنظيف جميع مرافق المدرسة التي تتكون من ثلاثة طوابق و24 شعبة ويبلغ عدد طالبتها نحو 600 طالبة. كما توضح معلمات في المدرسة بينهن معلمة التربية الإسلامية ساجدة (45 عامًا)، لافتةً إلى أن المعلمات والطالبات يتعاون في تنظيف الغرف الصفية والغرف المخصصة للمعلمات. 

المشهد في إحدى المدارس الحكومية في عمان. تصوير منار حافظ

يعمل سامي* (40 عامًا) في مدرسة حكومية في منطقة عُزلت بعد انتشار إصابات كورونا في منطقة ماركا الجنوبية وبدأت الدوام الخميس الماضي. ويرى أن المدرسة التي يعمل فيها والمكونة من أربعة طوابق لا يكفيها عامل النظافة الوحيد الموفر لها، لكن إدارة المدرسة ملتزمة بقواعد التباعد، حيث يجلس كل طالب في مقعد منفصل وتتوفر كمامات للاحتياط، إضافة لقياس درجات حرارة الطلبة. 

لم تلتزم جميع المدارس الحكومية بقياس درجات الحرارة عند باب المدرسة، بحسب معلمات ومعلمين قابلتهم حبر في أكثر من مدرسة. إذ يقول تامر (38 عامًا)، معلم التاريخ للصفين السابع والثامن في مدرسة حكومية في محافظة الزرقاء، إن إجراءات الوقاية التي تتبعها مدرسته جيدة، حيث يداوم الطلبة وفق نظام الفترتين المسائية والصباحية، وفي كل منهما قُسم الدوام بالتناوب لضمان التباعد، في ظل انضمام نحو ألفي طالب للمدرسة. تتوفر كمامات احتياطية وتقاس درجة حرارة الطالب في حال وجود أعراض مرض عليه، كما يتعاون الطلبة والمعلمون مع عمّال النظافة المخصصين لكل فترة. 

تعمل معلمة الصف الثالث الأساسي سهام* في مدرسة حكومية في العقبة، وتقول إن الطلبة يجلبون كماماتهم معهم ومعقمات الأيدي. فرغم توفر المعقم في الممرات، إلا أنه بعيد عن متناول أيديهم، لكن المدرسة توفر كمامات لمن لا يحملها. وتشير كذلك إلى وجود عاملة نظافة وحيدة لكل المدرسة التي تضم صفوفًا من كافة المراحل ويبلغ عدد طلبتها نحو 700، كما أدت أعمال صيانة في بداية الدوام إلى قطع الماء عن دورات المياه. 

كيف تعاملت الوزارة مع مخالفات المدارس للإجراءات الوقائية؟

لا ينفي القرعان حدوث تجاوزات في تطبيق الإجراءات الوقائية في المدارس، ما يجعل الوزارة تنفذ عمليات تفتيش عبر فرقها التي تضم حوالي ألف شخص يجرون زيارات مستمرة وينقلون ملاحظاتهم حول المدارس المخالفة، بحيث يُساءَل مدير المدرسة ويُطلب منه تصويب الأوضاع على الفور.

ولا يملك القرعان عددًا للمدارس المخالفة أو تلك التي صوبت أوضاعها، فالعدد بحسبه متغير باستمرار. لكنه يدعو الأهالي وكل من لديه شكوى متعلقة بمخالفة الإجراءات إلى تقديمها للوزارة. لكن وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي قال في تصريح صحفي إن الوزارة وجهت إنذارات لثلاثين مدرسة، حتى يوم الأحد 13 أيلول، بسبب مخالفتها للإجراءات الوقائية، شملت مدارس خاصة.

وفيما يتعلق بتنظيف المدارس، يقول القرعان إنه ليس من مهام الطلبة القيام بأعمال التنظيف وهناك عاملة أو عامل نظافة واحد على الأقل في كل مدرسة، لكن التعيين متوقف حاليًا بقرار من رئاسة الوزراء منذ بداية أزمة كورونا. وتسعى الوزارة للحصول على استثناء يمكنها من تعيين مزيد من عمال النظافة في المدارس. 

كما يوضح القرعان أن هناك صعوبة في إلزام المدارس بقياس درجة حرارة كل طالب يدخلها بسبب عدد الطلبة الكبير مما يعني جهدا ووقتا إضافيًا، وطلب من أولياء الأمور التعاون بقياس درجات حرارة أبنائهم حتى لو باللمس. 

قبل اللجوء لتعليق الدوام، كانت الوزارة قد قررت إلزام المدرسة بتوفير مسافة متر مربع على الأقل بين الطلبة بحسب تعليماتها، ما يعني توفير مقعد غير مشترك لكل طالب.

في المقابل، يتوفر في مدرسة خاصة زارتها حبر، 12 عاملة نظافة لنحو ألف طالب وطالبة. وتضم المدرسة صفوفًا من المرحلة الأساسية وحتى الثانوية، وتتكون من خمسة طوابق و52 شعبة صفية، بحسب مديرة المدرسة فاطمة أحمد. وتقاس درجة الحرارة حتى للزائرين قبل دخول المدرسة، ويستخدم في بعض صفوفها أكثر من مروحة وفي أخرى مكيفات هواء. وتشترط الوزارة لاستخدام المكيفات أن تُنظف بانتظام من وقت لآخر.

لا ينطبق هذا الحال بالضرورة على المدارس الخاصة كافة، إذ تقول معلمة اللغة الإنجليزية مها* (36 عامًا ) التي تعمل في مدرسة خاصة في العقبة، إن المدرسة تضم نحو 800 طالب وطالبة في فرع المدرسة للصفوف الأساسية الأولى، وفيها نحو 40 غرفة صفية. وترى مها أن المدرسة تحتاج لثلاث عاملات نظافة على الأقل، لكن إدارة المدرسة توظف عاملتين، ما يدفع المعلمات لبلوغ صفوفهن في وقت أبكر وتنظيفها من الغبار وتعقيمها. كما أن المدرسة لا تلتزم بتوفير الكمامات للطلبة، وإنما للكادر التعليمي فقط. 

ولا تتوفر وسائل التهوية والتبريد في المدرسة بحسب مها، فلا مكيفات فيها، والمراوح الصفية لا تعمل في غالب الأحيان. وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة، تقول مها إن الطلبة لن يستطيعوا الالتزام بارتداء الكمامة. كما يجلس كل طالبين على مقعد صفي واحد في مخالفة للإجراءات، بعدما كان كل ثلاثة يجلسون في مقعد واحد في العام الدراسي الماضي، وهو ما أكدته لحبر ولية أمر طالبة في الصف الثاني في المدرسة ذاتها. 

قبل اللجوء لتعليق الدوام، كانت الوزارة قد قررت إلزام المدرسة بتوفير مسافة متر مربع على الأقل بين الطلبة بحسب تعليماتها، ما يعني توفير مقعد غير مشترك لكل طالب. وبناء عليه استحدثت الوزارة نظام دوام الفترتين الصباحية والمسائية لـ37 مدرسة، بحسب مدير إدارة التعليم في الوزارة، سامي المحاسيس. كما وجهت بتقسيم الدوام بنظام التناوب في المدارس الحكومية المكتظة، بينما كان دوام المدارس الخاصة وجاهيًا بالكامل، على أن تحوّل المدارس التي تظهر فيها إصابات، أو تلك الواقعة في مناطق معزولة انتشر فيها الوباء، للتعليم عن بعد. 

ويوضح القرعان أنه ليس مطلوبًا من المعلم في مدرسة دوامها وفق نظام التناوب أن يعيد الحصة الصفية للمجموعة الثانية، حيث توفر منصة درسك كل ما يلزم للطالب الذي سيدرس عن بعد، إلا أن الأمر متروك في النهاية لتقدير المعلم ومعرفته بإمكانية طلبته وقدرتهم على الدراسة عن بعد أو توفر أدواتها لديهم من عدمه. ولم تزود وزارة التربية والتعليم حبر بعدد المدارس التي حوّلت تعليمها لنظام التناوب، تطبيقًا للإجراءات الوقائية. 

ويقارب عدد المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم 4000 مدرسة، وهناك 169 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، و888 مدرسة من مجموع هذه المدارس تداوم بنظام الفترتين. يضاف إليها أكثر من 3300 مدرسة خاصة، بحسب آخر إحصائية نشرتها وزارة التربية والتعليم على موقعها الإلكتروني لسنة 2018/2019.

المشهد في إحدى المدارس الخاصة في عمّان. تصوير منار حافظ

هل كان تعليق دوام المدارس ضرورة؟

«إغلاق المدارس ضرورة»، تقول المعلمة إيناس، فنظرًا للوضع الوبائي الراهن وانتشار العدوى، قد يصعب بحسبها إلزام الطلبة صغار السن بتطبيق إجراءات التباعد. وبالنسبة لها فإن الخيار المناسب للمرحلة يتمثل بالانتقال للتعلم عن بعد، مع أنها من مؤيدي التعليم المباشر. 

تتفق معها طبيبة الأسنان رزان (45 عامًا)، الأم لخمسة أبناء يدرسون في مدرسة خاصة في عمّان، إذ ترى أن مسألة المباعدة بين الأطفال صعبة، فهم يرغبون دائمًا باللعب مع بعضهم، ومشاركة الطعام. كما أن عدد زملاء ابنها الذي يدرس في الصف السادس، على سبيل المثال، قد بلغ 29 طالبًا، ووعدت إدارة المدرسة بتقسيم الشعبة، الأمر الذي دفع بها لرفع مناعة أطفالها عبر الغذاء الصحي والمكملات الغذائية، مثل فيتامين سي. «بمدرسة أولادي التعليم عن بعد كويس، وكنت بفضله عن الدوام في المدرسة مع ارتفاع عدد الحالات، لإنه قد ما عملوا إجراءات وقاية مش رح تكون 100%»، تضيف رزان.

انتقل حوالي 41 ألف طالب وطالبة من مدارس خاصة إلى حكومية للعام الدراسي الحالي، ليرتفع عدد طلبة المدارس الحكومية حوالي 9%.

ويبدي وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي رضاه عن قرار تعليق الدوام المدرسي لمدة أسبوعين، لكنه يجد من الأفضل تعليق الدوام لكل الصفوف دون استثناء والتحول للتعلم عن بعد، ما يضمن العدالة في التعليم، مع ضرورة تقديم مزيد من التدريب للمعلمين على مسألة التعليم عن بعد، وتوسيع نطاق التوعية والتثقيف حول أهمية التباعد بين الطلبة.

ويقول السعودي إن الحالة الوبائية استدعت اتخاذ قرار تعليق الدوام، فتطبيق البروتوكول الصحي في مدارس الأردن «صعب جدًا»، سواء الحكومية أو بعض المدارس الخاصة، فهناك مدارس لا يتوفر فيها أدنى مواصفات البيئة التعليمية بحسبه، داعيًا لزيادة عدد المدارس الحكومية لتقليل الازدحامات الصفية. 

لكن علاء (39 عامًا) الذي يعمل معلمًا للصف الثاني الأساسي في مدرسة حكومية في الزرقاء، سعيد بأن طلابه غير مشمولين بقرار تعليق الدوام. إذ يجد أن طلبة الصفوف الأساسية بحاجة للتعليم المباشر. «الطفل في البيت والده ووالدته أكيد رح ينشغل عنه. ما في اهتمام في مثل المدرسة»، يقول. فيما تشجع معلمة الأحياء أسمهان* (43 عامًا) التعليم المباشر خاصة للمرحلة الثانوية التي تدرسها في إحدى المدارس الحكومية في عمّان، لضمان إيصال المعلومة كاملة لطالبتها.

تعارض نداء* (38 عامًا)، وهي أم عاملة لطفل يبلغ من العمر سبع سنوات وطفلة عمرها عشر سنوات، العودة للتعلم عن بعد وتعليق الدوام، وتقول إنها تكلفت مبالغ باهظة تقدر بحوالي خمسة آلاف دينار كقسط مدرسي لطفليها اللذين يدرسان في مدرسة خاصة في عمّان. وتجد أن التعليم عن بعد لا يراعي احتياجات جميع الأطفال، فالبعض لديه صعوبات تعلم أو لديه أشقاء كثر أو أمه عاملة.

وزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة قال في تغريدة عبر تويتر إن الحكومة ملتزمة بأن التعليم في المدرسة هو الأساس، إلى جانب التعليم عن بعد كبديل مؤقت، وأن «العودة للمدرسة حتمية، والتغيير الذي حصل لمدة أسبوعين يأتي لحماية طلبتنا الأعزاء وأسرهم».

وتوفر وزارة التربية والتعليم منذ الفصل الماضي دروسًا مجانية للطلبة في المراحل الدراسية كافة، عبر التلفاز وشبكة الإنترنت على منصة درسك التي أعلنت عن تطويرها في الأسبوع الأول من شهر أيلول. لكن بين مدرسة وأخرى، تختلف آلية التعامل مع التعلم عن بعد. فمثلًا تستخدم  المعلمة إيناس وسائل التواصل الاجتماعي لبث حصص مباشرة والتواصل مع طالباتها ضمن الإمكانيات المتاحة لمدرسة حكومية. وفي مدرسة خاصة في عمّان زارتها حبر، توفر المدرسة ثلاثة استديوهات لتصوير حصص مباشرة وتسجيل أخرى، حتى يتواصل الطلبة مع معلميهم الذين اعتادوا على أسلوبهم في شرح الدروس.

مع ذلك، ترى المختصة التربوية بشرى عربيات أن المدارس الحكومية وغالبية المدارس الخاصة ليست جاهزة للتعلم عن بعد، وتقول إن الطالب في البداية، عند اللجوء لمنصة درسك، سيتابع معلمين مختلفين عن معلميه في المدرسة. كما أن مراقبة تفاعل الطالب مع معلمه حتى مع البرامج التفاعلية أمر صعب، بالإضافة إلى أن المعلم لن يكون قادرًا على التحقق من وصول المعلومة لطلابه، كما لا مجال لمتابعة سلوك الطلبة عن بعد. وترى أن عدد الإصابات لا يستدعي التحول للتعليم عن بعد في الوقت الراهن.

يتفق أستاذ علم الأوبئة في الجامعة الأردنية، ووزير التربية والتعليم الأسبق، عزمي محافظة، مع هذا الرأي، إذ يقول إن الوضع الوبائي ليس بالسوء الذي يدعو لتعليق الدوام في المدارس. وبحسبه فإن المدارس من أقل البيئات نقلًا للعدوى لأن الأطفال أقل عرضة للإصابة بالعدوى أو نقلها، كما أن عدم الالتزام بالتباعد موجود في خارج المدرسة.

«لما أخلي ولاد بالبيت وولاد مداومين حياة الأسرة كلها تلخبطت (…) لكن كونها أزمة بدنا نتعايش مع الإجراءات»

ويرى محافظة أنه كان من الأجدى انتظار تطور الوضع الوبائي للأيام القادمة، فقد تنخفض الإصابات في ظل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة سابقًا، والأصل السيطرة على الوباء في المجتمع لضمان بقاء المدارس مفتوحة وليس العكس. الإجراء الأنسب، وفق محافظة، يتمثل بالالتزام بالكمامة والتباعد وغسل الأيدي والنظافة عمومًا، والحد من التجمعات غير الضرورية، وكشف حالات الإصابة بين المخالطين وحجر المصابين وعزل المخالطين بشكل أسرع.

في ظل ذلك، تجد هانية (41 عامًا) نفسها مرتاحة لقرار نقل ابنها، طالب التوجيهي العلمي، إلى مدرسة حكومية، رغم أنها حافظت على تدريسه في مدرسة خاصة منذ الصف الأول، خاصة في ظل خسائر عمل واجهها زوجها بسبب أزمة كورونا. «أنا مرتاحة (..) لإني حسيت إنه ابني ما استفاد أبدًا ع الأونلاين الفصل الماضي (..) رح يكلفني [الآن] تقريبًا 300 دينار بدل ثلاث آلاف».

وانتقل حوالي 41 ألف طالب وطالبة من مدارس خاصة إلى حكومية للعام الدراسي الحالي، ليرتفع عدد طلبة المدارس الحكومية حوالي 9%. فيما بلغ عدد المنتقلين العام الدراسي الماضي حوالي 30 ألفًا، بحسب المحاسيس. والمجال مفتوح للانتقال حتى 17 أيلول، في ظل توجيه من الوزارة لقبول جميع الطلبة الراغبين في الانتقال.

«لما أخلي ولاد بالبيت وولاد مداومين حياة الأسرة كلها تلخبطت (…) لكن كونها أزمة بدنا نتعايش مع الإجراءات»، تقول المعلمة أسمهان.

* أسماء مستعارة بناءً على طلب أصحابها.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية