عقلية الدولة الأردنية، وزير التربية والتعليم نموذجاً

الخميس 02 آب 2012

 

بقلم: فريكة

قبل فترة بسيطة من بدء امتحان الثانوية العامة التوجيهي للدورة الصيفية 2012، بدأ زميلي الصحفي مصعب الشوابكة بالعمل على تحقيق استقصائي حول تسريب اسئلة التوجيهي عبر خلايا منظمة وعمليات غش واسع في قاعات الدراسة. مصعب الذي يحمل درجة البكالوريس تقدم مرة أخرى لامتحان الثانوية العامة ليقوم بتجربة الامتحان بنفسه وتم نشر تحقيقه صباح اليوم الخميس.

ما ان علمت بموضوع التحقيق حتى بدأت بمساعدة مصعب في بعض الأمور التقنية وقد كان هاتفي أحد الهواتف متلقي إجابات الأسئلة في وقت الامتحان.

كانت وزارة التربية والتعليم قد تجاهلت طلبات حق الحصول على المعلومة التي (سلّمت أحدها بنفسي) وتجاهلت المكالمات المستمرة أثناء فترة العمل على التحقيق، ولكن بعد نشر خبر في صحيفة القدس العربي حول التحقيق اتصل شخص من الوزارة بمصعب الشوابكة ليطلب منه إجراء مقابلة مع وزير التربية والتعليم من أجل الرد على ما جاء في التحقيق، ليتبين لاحقاً أن الوزير لا يريد إجراء مقابلة بل يريد الاطلاع على محتوى التحقيق. وانتهى اللقاء الذي استمر ١٥ دقيقة في مكتب الوزير بتعنته وتهديده وعدم السماح للصحفي بالرد عليه، وطرد ثلاثتنا – الصحفي مصعب الشوابكة والصحفية رشا عبدالوهاب وحضرة فريكة.

اللقاء كان مثالاً على التكتيكات التي تعكس عقلية الدولة الاردنية في إدارة الازمات:

التكتيك الاول: حاول نفي هوية الشخص عنه:

محاولة نفي هوية الصحفي عن مصعب الشوابكة وهذا أيضا ينطبق على محاولة نفي هوية اليتيم، عامل المياومة، الناشط السياسي، عمال الكهرباء، الخ.

بدأ الوزير حديثه مع مصعب: أنا حصلت على كل المعلومات عنك إنك طالب ومحروم ومعلومات اخرى عنك.

مساء الثلاثاء خاطب الوزير الصحفيين في نقابة الصحفيين قائلاً:

يا اخوان بالنسبة للتحقيق الذي نشرت عنه القدس العربي للصحفي مصعب الشوابكة، عندما تسمعون اسم الصحفي مصعب حمدان الشوابكة من يعرف هذا الاسم سيكون عنده علم تام بما سأقوله (كأن مصعب الشوابكة علم معروف بالتزوير والاحتيال مثلاً)

يكمل الوزير: مصعب حمدان الشوابكة طالب توجيهي دراسة خاصة تقدم للامتحان وحرم من دورة كاملة وهذا يعني انه ارتكب مخالفة سلوكية كبيرة ليحرم من دورة كاملة وطبعا لا يعنيني ان كان حضر للتصوير أو لا، قانون وزارة التربية لا يسمح باستعمال الكاميرات داخل القاعات وأنا ساقاضي مصعب حمدان الشوابكة (لاحظ التركيز على الاسم الثلاثي من باب التشهير).

يكمل الوزير كلامه معتبراً أن نقابة الصحفيين هي الممثل الشرعي والوحيد للصحفيين في الأردن ويسأل الصحفيين مستهجناً: “يا إخوان حدا منكم بيعرف مصعب حمدان الشوابكة؟!”

التكتيك الثاني: حاول تجزئة المشكلة قدر الامكان

محاولة إلصاق المشكلة فقط في مدرسة ابو عبيدة في مادبا (يعتقد الوزير أنها المدرسة الوحيدة التي صورها مصعب)، مثل القول أيضاً أن كل الأيتام يعيشون في أحسن الظروف وأن الوزارة فشلت فقط في حل مشكلة الايتام المعتصمين. أو اعتبار أن مشكلة المياه ليست ناجمة عن غياب الاستراتيجية والرقابة والقول أنها مشكلة محددة في منطقة معينة فقط، الخ.

يتحدث الوزير هنا في نقابة الصحفيين: مصعب حمدان الشوابكة تقدم للامتحان في مدرسة ابو عبيدة في مادبا وقاعته تم حرمان 14 شخص من أصل 18 كانوا فيها وهو واحد منهم وهذا يعني أنه حتى لو عرض الفيديو الذي بحوزته سيكون 14 من أصل 18 في القاعة حرموا من الامتحان. يتحدث الوزير وكأن المشكلة خاصة ويا للصدفة بالقاعة التي تقدم بها مصعب الشوابكة.

التكتيك الثالث: التقليل من حجم المشكلة

يرتكز هذا التكتيك على محاولة اظهار المشكلة بالأمر البسيط. هنا يعتبر الوزير أن مسألة تسريب الاسئلة هي مسألة لا تقتصر على الأردن.

هنا يجيب الوزير في نقابة الصحفيين رداً على سؤال حول ما اذا هناك خلايا تبيع أسئلة الثانوية العامة: “نعم هناك خلايا ونحن نعلم عنها ونأخذ اجراءاتنا وهذا أمر لا يعني مشكلة في الأردن. يمكنكم البحث في الإنترنت، بريطانيا وأمريكا تعاني من هذه المشكلة، في فرنسا أيضا تسربت أسئلة امتحان الرياضيات وهي دولة متقدمة.” ثم يتعمد الوزير الاساءة مرة اخرى للصحفي حيث يقول “هناك من يذهب الى الامتحان ليس بهدف تقديمه مثل مصعب حمدان الشوابكة ويقوم بتسريب الاسئلة”. يتابع الوزير في نقابة الصحفيين: نحن أيضا نعلم عن كل المشاكل.

التكتيك الرابع: اللعب على وتر الوطنية

يقوم هذا التكتيك على التشكيك بوطنية الشخص المقابل فمصعب حمدان الشوابكة شخص غير وطني لانه يريد تخريب البلد بمثل هذا التحقيق، والمعتصمون هم غير وطنيون وممولون من الخارج، ومنظمات حقوق الانسان لديها أجندات، وعمال الزراعة محرضون من جهات غير معلومة.

بدأ الوزير سؤاله لمصعب في مكتبه: “لماذا قمت بعمل هذا التحقيق ولمصلحة من؟” أكمل كلامه مشدداً على أن النشر في الصحافة الخارجية تشويه لصورة البلد. وقال الوزير في نقابة الصحفيين أنه وإن كان سينجح باقناع الرأي العام في الأردن بما يقوله فإنه لن يستطيع الحديث إلى الرأي العام خارج الأردن وإصلاح الضرر.

الوزير يشدد انه لا يريد الدفاع عن وزارته لا بل هو يدافع عن سمعة البلد التي شوهها مصعب حمدان الشوابكة بمثل هذه المعلومات. يقول الوزير في نقابة الصحفيين: انا سألته لماذا عملت التحقيق يجيبني لمصلحة الطالب، اي مصلحة طالب التي تتحدث عنها التي شوهتها بمثل هذا التحقيق؟

يتحول الصحفي بوجهة نظر الوزير إلى مصلح اجتماعي حيث أن عليه إن عرف عن خطأ ان يذهب لإصلاحه وليس نشره لأن ذلك يتعارض مع المصلحة العامة. يكرر الوزير وجهة النظر القائلة بان الشعب فاسد وكل المشكلة في الشعب ويتجاهل تماما سؤال لمصعب حول غياب القانون.

يقول الوزير  لمصعب في مكتبه: “أنا حولت 50 معلم إلى القضاء لتورطهم في تسريب الاسئلة وهناك اجراءات وأعرف عن ماذا تتحدث.” يرد عليه مصعب: “يمكنك إخبار الرأي العام بذلك”، فيرد عليه الوزير: “هل تريد مني أن أتحدث ضد زملائي المعلمين؟ لا، بكرا الخليج ببطل يخوذ أساتذة من عنا.”

التكتيك الخامس: التهديد والوعيد

يستعمل هذا الأسلوب عن طريق تهديد الصحافي بما سيلحق به إن قام بنشر التحقيق.

تبدأ تهديدات الوزير بقوله لمصعب “أنا عارف كل اشي عنك وجبت معلومات كثيرة” ويستمر بالقول: أنا املك معلومات ووثائق وسأخرج على التلفزيون الأردني وأفضح المعلومات التي أملكها وأعري تحقيقك. أنا أملك وثائق وسأذهب بها إلى القضاء وأقاضيك على تشويه سمعة امتحان التوجيهي، سآخذ حقي كوزير تربية وتعليم. يقول الوزير للصحفيين: انا سأتخذ إجراءاتي القانونية ولن أسمح بأي إساءة للاردن.

الوزير كان متعنتاً جداً اثناء مقابلته لنا في مكتبه حيث قام بطرد فريق التحقيق بعد ان قال: “إذا اردت القيام بالخطوة القادمة احسبها جيداً، مقابل كل خطوة تقوم بها سأتخذ اجراءاتي وانا انهي الاجتماع الآن.”

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية