إعلام للأردنيين فقط!

الخميس 23 أيار 2013

انهمكت وسائل الإعلام طوال أسبوع في متابعة كل تفصيلة أو كلمة تخرج من هذا أو ذاك حول حادثة الاعتداء على محامين أردنيين خلال النشاط الذي نظمته السفارة العراقية في المركز الثقافي الملكي.

سيل من الأخبار، مقاطع فيديو وصور، عن اعتصامات واحتجاجات، تصريحات وبيانات، دعاوى قضائية وتحقيقات أمنية، استجوابات وتهديدات نيابية ومواقف حكومية، تسابق الصحفيون لالتقاطها ورشها على صفحات مواقعهم وصحفهم الالكترونية، بلا وقفة لالتقاط الأنفاس، أو التأمل قليلاً، أو فهم الحدث الأساس، أو التحقق من حقيقة ما جرى، أو البحث لإكمال المعلومات أو عناصر التقرير الصحفي المفقودة.

باستثناء صحيفة الغد وموقع خبرني، امتنعت وسائل الإعلام عن نشر بيان السفارة العراقية في الأردن، وفيه “تأسف جراء الحادث الذي وقع مؤخراً، تخلله اعتداء من موظفيها على مواطن اردني في عمّان”، وتروي الحادثة من وجهة نظرها. وحتى المواقع الإخبارية التي اعتادت إعادة نشر أخبار الغد وخبرني، لم تنقل عنهما البيان، بالرغم من حرصها على نقل كل شاردة وواردة تتعلق بالقضية، موثقة أو غير موثقة، بشرط أن تكون على لسان أردني. فالعراقيون، كما السوريون والمصريون والشرق آسيويون، لا صوت لهم في الإعلام الأردني، حتى وإن كانوا موضوع التغطية وصانعي الحدث.

على سبيل المثال، نقل موقع أخبار البلد عن أحد المحامين المعتدى عليهم تفاصيل، غير موثقة وغير لازمة، تتركز على الخلفية الطائفية الشيعية لأحد المعتدين، ويصفه بأنه “من عناصر حزب الدعوة الشيعية عينه رئيس الوقف الشيعي في السفارة العراقية في الأردن، وهو ايضاً قريب رجل الدين الشيعي (فلان) المقيم في ايران والمعروف بمواقفه المتشددة ضد السنة والدول العربية، وهؤلاء جماعة لا يقربون لعائلة (فلان) السنية العراقية الكردية، التي قدمت مشايخ كبار ورجال دين بارزين خدموا السنة وحاربوا خزعبلات الشيعة”. ويتابع المحامي “بأن الرجل (الاصلع) الذي ظهر في الشريط… شيعي طائفي مقيت.. يكره كل شي في السنة، حتى انه في السفارة يشتم امام الجميع الصحابة والخلفاء الراشدين.. والجميع يخاف منه لانه قريب لوكيل وزارة الداخلية”.

الأخبار أحادية الجانب تذيلها تعليقات عنصرية لقراء لم يكتفوا بالمطالبة بطرد السفير العراقي، بل وخروج كافة العراقيين من الأردن، بالإضافة إلى التهديد “بما لا يحمد عقباه.. فالعراقيون “لا يحكمهم الا مثل الحجاج ومن يتجرأ على ضرب أردني تقطع يده اللهم خذه اخذ عزيز مقتدر اللهم شتت شملهم”، وغيرها الكثير من خطاب الكراهية التي شجعته مواقع إخبارية، ثم سمحت بنشره.

تغطية إعلامية تقود إلى تحشيد وتحريض للجمهور الأردني ضد كل عراقي وكل شيعي، تساهم في تعرضهم لاعتداءات وعنف على أيدي أردنيين، مثل حادثتي إحراق منازل مواطنين من الطائفة الشيعية في مدينتي الكرك وإربد، وصمتت عنها الصحف باستثناء الغد، وقد تؤجج مشاعر الكراهية الطائفية التي تعج بها المنطقة، إلى أن تشعل فتيل أزمة دبلوماسية بين البلدين، تتفاعل وتتطور في أجواء العنف الداخلي والحروب المحيطة.

Leave a Reply

Your email address will not be published.