مطعوم الحصبة الجديد: هل علينا أن نقلق؟

الجمعة 06 تشرين الأول 2023

منذ اللحظة التي أعلنت فيها وزارة الصحة عن الحملة الوطنية لتطعيم الحصبة، بمطعوم الحصبة والحصبة الألمانية (MR)، أثير جدل واسع بين الأردنيين، وذلك بعد تداول مقاطع صوتية وأخبار ومعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تثير القلق بشأن هذا المطعوم.

خرج قرار وزارة الصحة بالتطعيم في آب، بعد تسجيل المملكة 163 إصابة بفيروس الحصبة منذ شهر نيسان من العام الحالي، ما دفع الوزارة لإطلاق حملة وطنية لتكثيف التطعيم الروتيني حسب البرنامج الوطني للتطعيم، وبحسب الوزارة فإن الحملة تهدف إلى رفع نسب تغطية المطاعيم الروتينية، والوصول إلى تغطية تفوق 97% لجميع المطاعيم المدرجة في برنامج التطعيم الوطني، والوصول إلى الأطفال الذين تخلفوا عن برنامج المطاعيم الروتينية. وكانت آخر مرة تعمد فيها الوزارة إلى تفعيل الحملة الوطنية للتطعيم في 2013، وتتكون الحملة من عدة مراحل، بحيث تستهدف المرحلة الأولى الفئات غير المطعمة أو المتخلفين عن التطعيم من عمر شهرين حتى عمر 18 عامًا، أما المرحلة التالية بدأت مع بداية العام الدراسي (30 أيلول) وتشمل تطعيم جميع طلاب المدارس ورياض الأطفال والحضانات ودور الإيواء والمبرات والأحداث، بمطعوم الحصبة والحصبة الألمانية (MR).

بعد عدّة محاولات لطمأنة الأردنيين، لم تلق تجاوبًا كبيرا، بدا أن فجوة الاتصال بين الحكومة والناس باتت أحد أسباب التشكيك بالإجراءات الحكومية في الملف الصحي. وما هي إلا فترة قصيرة حتى أقرّ كثيرون برفضهم إعطاء المطعوم لأبنائهم، وهدد البعض بتعطيل أبنائهم من المدارس خوفًا من إلزامية المطعوم الذي يجهلونه. 

للتعرف أكثر على مطعوم الحصبة الجديد، ومعرفة ما تخبرنا به الدراسات العلمية والفحوصات السريرية التي أجريت على هذا المطعوم حول مأمونيته، والشركة المصنعة له، وأسباب توجه وزارة الصحة للحصول عليه، نحاور أخصائي الميكروبات الطبية والأستاذ المشارك في الهيئة التدريسية في جامعة البترا، الدكتور لؤي أبو قطوسة، وهو أخصائي الميكروبات والمناعة السريرية الحاصل على شهادة الزمالة الأمريكية في اختصاص الأحياء الدقيقة.

حبر: ما خطورة انتشار الحصبة بين الأطفال، وما مضاعفات هذا المرض؟ 

الدكتور لؤي أبو قطوسة: الحصبة من الأوبئة الفتاكة وهو مرض فيروسي سريع الانتشار، يمكن أن يعدي الشخص المصاب من 18 إلى 20 شخص، ويفترض ألا تكون العدوى سهلة الانتقال في حال وجود مناعة من إصابة سابقة أو مطعوم، ولكن دراسات تخبرنا بإمكانية عدوى شخصين أو ثلاثة خاصة بالاتصال المباشر. وينتقل الفيروس تنفسيًا بالدرجة الأولى وليس بالرذاذ وحده، وبملامسة المناطق التي يوجد فيها الفيروس. تظهر أعراض الإصابة به عادةً بالطفح الجلدي وارتفاع درجات الحرارة. وهو مرض طفولة بالدرجة الأولى إذ يؤدي بنسبة عالية من الأطفال إلى دخول المستشفيات بسبب التهابات تنفسية، وفي بعض الأحيان تصل نتائجه إلى التهابات الدماغ التي تصبح سببًا أساسيًا للوفاة. وقد تؤدي إصابة النساء الحوامل إلى حدوث تشوهات في الأجنة وصولًا إلى الإجهاض.

عبر التاريخ، أدت أوبئة الحصبة إلى الفتك بالناس بسبب عدم وجود مطاعيم. حاليًا وبحسب إحصائيات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، تقدر وفيات الحصبة السنوية بحوالي 134,200 وفاة، وهذا رقم كبير مع وجود مطاعيم؛ ويمكن تفسيره بتفاوت نسب التطعيم من دولة إلى أخرى.

بحسب تصريح منظمة الصحة العالمية بعد انتشار جائحة كوفيد تخلّف الكثيرون عن إعطاء الجرعة الثانية أو جرعتي مطعوم الحصبة لأبنائهم، فانخفضت نسبة المناعة المجتمعية على مستوى العالم إلى 88% تقريبًا، وهذه النسبة قريبة من نسبة المناعة المجتمعية التي صرحت عنها وزارة الصحة الأردنية والمركز الوطني للأوبئة.

هل يمكن التعامل مع انتشار أمراض كهذه وتحمل كلفة تفشيها بمعزل عن التطعيم؟

لا يمكن التعامل مع أي مرض وبائي إلا من خلال بناء مناعة مجتمعية، والمناعة المجتمعية لا تتم إلا بطريقتين؛ إما نتيجة الإصابة وبناء مناعة طبيعية، أو بالحصول على المطعوم. وتختلف نسبة المناعة المجتمعية الناتجة بحسب فعالية المطعوم. يمكن التوجه لتكوين المناعة المجتمعية طبيعيًا إن لم يكن الفيروس خطيرًا. ولكن في حالة الحصبة، تعد الإصابة بالفيروس أمرًا خطيرًا دون التوجه للتطعيم وقد تتسبب بالوفاة.

بحسب بيان اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية انخفض معدل تغطية التطعيم ضد الحصبة في الأردن بشكل كبير، حيث فوت حوالي 112 ألف طفل دون سن الخامسة، جرعاتهم الروتينية من تطعيمات الحصبة. فهل نحن اليوم أمام حالة وبائية تستدعي حملة تطعيم واسعة؟ وما الإجراءات المتّبعة في حال تفشي فيروس الحصبة؟

بدون شك، نحن اليوم أمام حالةٍ وبائية، ما يثير القلق بشأن انتشار الحصبة بحسب منظمة الصحة العالمية هو أن تسجيل خمس إصابات لأشخاص لهم علاقة قرابة أو من نفس المنطقة؛ وفي حال ظهور الأعراض عليهم بنفس الفترة (من أسبوع إلى 21 يوم)، تُعتبر هذه حالة وبائية. وبالتأكيد لسنا أمام جائحة كما يتداول البعض؛ وذلك لأن الجائحة تُعرّف بأنها انتشار المرض بمناطق مختلفة في الوقت ذاته.

تختلف طرق التعامل مع الحالة الوبائية بحسب حجمها. وتتطلب الاستجابة لتفشي المرض تغييرًا في الإجراءات الصحية المتّبعة، بعض الدول تلجأ إلى تفعيل آليات الرصد وهذا ما نقوم به في الأردن، ثم نحدد بؤر الانتشار. بعد ذلك يتم إجراء ما يسمى بالعزل وتفعيل حملات التحصين؛ من خلال إعطاء المطاعيم لمنع الانتشار.

وكما هو معروف علميًا وطبيًا فالأطفال هم الأكثر تأثرًا بالمرض، كما أن احتمالية دخول البالغين المصابين بالمرض إلى المستشفيات قليلة جدًا. لذلك يتم تحديد الفئة العمرية المستهدفة من الأطفال؛ بعد تحديد حجم المناعة المجتمعية في المجتمع بشكل عام وآليات إعطاء الجرعات في برامج التطعيم.

أوضحت وزارة الصحة في بيانها، أن حملة التطعيم تشمل الفئات غير المطعّمة فقط، ولكن بعض التصريحات الحكومية توضح أن الحملة ستشمل الفئات المطعّمة أيضًا. فهل هنالك دواعٍ صحية لحصول المطعمين على المطعوم مرة أخرى؟

في أغلب دول العالم، المطعوم الوطني للحصبة هو جرعتين. تٌعطى الجرعة الأولى في عمر السنة. في العديد من الدول كالولايات المتحدة تُعطى الجرعة الثانية في عمر الخمس سنوات. في الأردن يختلف الأمر؛ في البرنامج الوطني تعطى جرعتي مطعوم MMR بعمر السنة والسنة ونصف. وفي بعض الأحيان نعطي جرعة ثالثة في الصف الأول من المدرسة.

الآن، بحسب التوصيات، فإن جرعتي المطعوم كافيتان. توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، أنه بحال انتشار وباء الحصبة لا يُلزم الأشخاص الذين حصلوا بالفعل على جرعتي المطعوم من خلال البرنامج الوطني، بأن يحصلوا على جرعة مدعمة، إلا بحالات انخفاض المناعة لديهم. أما محليًا؛ فنحن نتبع توصيات منظمة الصحة العالمية، وهي أنه في حال حدوث حالة وبائية لفيروس الحصبة نفترض أن المناعة المجتمعة قد انخفضت، وبالتالي علينا إعطاء الفئة العمرية المستهدفة بأكملها من سن السنة وحتى سن 18 عامًا، من المطعمين وغير المطعمين. عبر مرحلتين، المرحلة الأولى يتم تحصين غير المطعمين أو الحاصلين على جرعة واحدة من المطعوم، والمرحلة الثانية إعطاء جرعة ثالثة لكل الفئة المستهدفة.

لا غبار على هذين التوجهين، بالحقيقة أنا أؤيد المدرسة التي تكتفي بتطعيم غير المطعمين، إضافة إلى الأشخاص الذين ترافقهم إشكالية انخفاض المناعة. إلا أن الخبراء الذين يتبعون الجرعة الثالثة لكل الفئات المستهدفة، يرون أن تفشي الوباء يشير إلى انخفاض في المناعة المجتمعية، ولمنع انتشار الوباء يتم تغطية جميع الفئة العمرية المستهدفة وهو التوجه الأحوط، وتكلفته أكبر، وبالتأكيد يأخذ وقتًا أطول.

ما الفرق بين مطعوم الحصبة الذي اعتدنا الحصول عليه في الأردن ومطعوم MR الذي سيتم استخدامه في حملة التطعيم الحالية؟ 

الأردن من أوائل الدول التي تبنت برامج التطعيم الوطنية. ولدينا ما يُلزم المقيمين على أراضي المملكة قانونيًا بالحصول على مطاعيم الحصبة مجانًا. بدأ هذا البرنامج منذ السبعينيات، وأدخل مطعوم الحصبة وحده إلى البرنامج، ولكن بعد أن أنتج المطعوم الثلاثي MMR، وهو مطعوم الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف (وجميعها أمراض فيروسية تنفسية)، أدخل في البرنامج في عام 2000.

منذ أكثر من 20 عامًا، لم نسجل وعدّة دول، أية إصابات بالنكاف، لذلك خرجت شركات تصنيع المطاعيم بمطعوم ثنائي وهو MR، يحتوي على مطعومي الحصبة والحصبة الألمانية دون النكاف. قد يعتقد الناس أن مطعوم MR هو مطعوم مستحدث، ولكن وبحسب تصريحات وزارة الصحة، المطعوم بشكل عام وبغض النظر عن مكان تصنيعه، استخدم في الأردن في حملة التطعيم في عام 2013. وهو مطعوم متوفر من عدة شركات كبرى من بينها معهد الأمصال الهندي الذي تسعى الأردن إلى استخدام مطعومها. ومع ذلك لم يلغى مطعوم MMR من البرنامج الوطني للتطعيم بعد.

وبالمناسبة، مقارنةً مع مطعوم MMR فإن الأعراض الجانبية لمطعوم MR هي أقل وطأة بسبب عدم وجود لقاح النكاف، وهذا بحسب الدراسات. وبطبيعة الحال لا يوجد أي مطعوم في العالم يخلو من الأعراض الجانبية.

أثار الجدل حصول لقاح الحصبة والحصبة الألمانية من معهد الأمصال الهندي، والذي تنوي الحكومة استخدامه، على التأهيل المسبق للقاحات (Prequalified)، ما الذي يعنيه هذا التأهيل وهل يمكن ضمان أمان اللقاحات الحاصلة عليه؟

بحسب الدستور العالمي لتسجيل الأدوية لا يتم تسجيل الأدوية إلا في حال اجتياز المراحل الأربع من الاختبارات السريرية. في حالة مطعوم MR الهندي فقد استكمل المرحلة الثالثة من الاختبارات، وهو ما يؤكد على مأمونيته وفعاليته بحسب منظمة الصحة العالمية.

لفهم الأمر أكثر، يتم اختبار الأدوية والمطاعيم على الحيوانات أولًا، من خلال ما يسمى بالدراسات قبل السريرية. في حال ثبتت مأمونيتها وفاعليتها على الحيوانات، تتم تجربتها على البشر في أربعة مراحل. في المرحلة الأولى يُجرب على عدد محدود من البشر لدراسة مأمونيته ومراقبة ما إن كان مسببًا للوفاة أو أية مضاعفات؛ في حال تسبب في ذلك يوقف بشكل مباشر. في حال نجاحه بالمرحلة الأولى يتم اختباره على مرحلة ثانية على عدد أكبر من البشر وتُدرس فاعليته عليهم وكذلك الأمر في المرحلة الثالثة؛ تتم زيادة العينة المدروسة بشكل أوسع، وفي حالة حدوث أي أعراضٍ جانبية خطيرة يوقف الدواء بشكل مباشر.

إذا اجتاز الدواء المرحلة الثالثة من الفحوصات السريرية يُسمح بتداوله في الأسواق. لكن لتسجيل الدواء يجب أن يخوض الطور الرابع من فحوصات ما بعد البيع. وتختلف مدة عملية التسجيل والفحوصات بأكملها بحسب نوع الدواء وحجم الدراسات السريرية ونشاط الشركة، في بعض الأحيان تستمر العملية من 10 إلى 20 عامًا. وأما الشركات الكبرى عادةً ما تستمر فترة تسجيلها منتجها من خمس إلى سبع سنوات لذلك تعد المسألة معقدة جدًا. 

بحسب منظمة الصحة العالمية حصل المطعوم على التأهيل المسبق للقاحات، ما يعني أنه ليس هناك ما يطعن بمأمونيته أو في فاعليته في هذه المرحلة، وبالمقابل لا تفرض منظمة الصحة العالمية على الدول أن تسجل الأدوية وإن كانت توصي بمأمونيتها، أما في حال أرادت الدول تسجيل المطعوم ينبغي أن تستكمل بعض الإجراءات والدراسات السريرية على المنتج.

هناك مخاوف شعبية تتعلق باسم الشركة المصنعة لهذا اللقاح، ماذا نعرف عن معهد الأمصال الهندي؟ 

كما قلت سابقًا، يُنتج مطعوم MR في أكثر من دولة، وهو مطعوم مستخدم وأجريت عليه العديد من الدراسات وأثبت أن فاعليته تكافئ فاعلية مطعوم MMR. اللغط الذي حدث في الأردن ارتبط باسم الشركة الهندية المصنعة، وساهم الفضاء الالكتروني غير المنضبط بدخول الشائعات غير العلمية حوله.

إن معهد الأمصال الهندي هو شركة أُسست في الهند وليست جديدة النشأة. تم توسيع دائرتها التجارية لتصبح حاليًا أكبر شركة مصنعة للأمصال على مستوى العالم، ولديها العديد من المطاعيم الموثوقة، وكانت إحدى الشركات المشاركة في إنتاج مطاعيم كوفيد، مثل مطعوم نوفافاكس ومطعوم أسترازينيكا، حيث تعاونت شركة أسترازينيكا مع المعهد لصناعة المطعوم. ويعد إنتاج الشركة مضمون الجودة وخطوط إنتاجها معروفة وتنتج أدوية أخرى معتمدة المصنع وموقع التصنيع عالميًا. 

هل كان سبب إيقاف المحكمة الهندية للمطعوم في إحدى حملاتها التطعيمية، توصُلها إلى نتائج متعلقة بمخاطر المطعوم؟

ما حدث بالهند ليس له علاقة بكفاءة المطعوم نفسه، ما حدث أثناء حملة التطعيم التي كانت تجريها الهند والتي استخدمت فيها مطعوم MR من معهد الأمصال الهندي، أن أولياء الأمور اعترضوا على مسألة الإلزامية بإعطاء المطعوم وهذه الإشكالية ذاتها التي حدثت لدينا. فحكمت المحكمة الهندية بألا يُعطى المطعوم إلا بموافقة أولياء الأمور بحسب ما هو موجود على موقع وزارة الصحة الهندية. 

صرّحت وزارة الصحة أنها استخدمت مطعوم MR من شركة أخرى في 2013، ما الذي دفع الحكومة لاستيراد مطعوم MR الجديد بما أن المطعوم السابق أثبت فاعليته في تلك الحملة؟

المسألة هنا لا تتعلق بالأمور العلمية، وإنما يبدو أنه أمر إداري. أعتقد أن الحكومة أجرت حساباتها الخاصة فيما يتعلق بسهولة التوريد وتوافر الجرعات في الشركات المصنعة. من الممكن أن كمية الجرعات التي تطلبها الحكومة غير متوافرة في الشركات الأخرى المصنعة، وهذا أمر له علاقة بضمان سلاسل التوريد. وهنا يأتي دور برنامج التأهيل المسبق لبعض المطاعيم، إذ تهدف منظمة الصحة العالمية من خلاله ضمان عدالة توزيع المطاعيم في حالات الطوارئ والجوائح. وبحال تم احتكار دواء أو مطعوم معين بشركة واحدة فسوف يصبح ذلك سبيلًا لرفع سعره بشكل كبير جدًا.

بعد إعلان الحكومة عن حملة التطعيم، انتشرت عدة فرضيات حول عدم مأمونية المطعوم. كيف استطاعت هذه الفرضيات كسب تأييد شعبي لها؟ وهل كان للحكومة دور في تعزيز عدم الثقة في روايتها المدافعة عن المطعوم؟

باعتقادي أن صدور المعلومات الخاطئة عن بعض الفئات المختصّة كان سببًا في تصديقها. كما أن الإعلام ساهم إلى حد كبير في تبني الشائعات. ففي إحدى البرامج تمت استضافة أحد مروجي الإشاعة الذي كان على جاهزية تامة، مقارنةً بالضيوف الآخرين الذين كان ينبغي عليهم تفنيد طروحاته إلا أنهم لم يكونوا على نفس الجاهزية والاستعداد.

 

View this post on Instagram

 

A post shared by 7iber | حبر (@7iber)

إضافة لذلك، كان لدى بعض النواب المختصين أسئلة مهمة ومشروعة لكن الحكومة تأخرت في إجابتها عن هذه التساؤلات، إذ كان من الأجدر التحاور مع هؤلاء النواب عبر دوائر مغلقة قبل إشاعة التخوفات لدى الناس. وفي الواقع أخطأت الحكومة عدّة مرّات عبر تصريحاتها المتخبطة، ما عزز القلق لدى المواطنين من الإجراءات الحكومية المتّبعة. ظهر ذلك عندما صرّحت الحكومة عدّة تصريحات متضاربة حول ما إذا استخدم المطعوم نفسه في حملة 2013. وفي حالة أخرى، لوحظت الروايات المتضاربة في المؤتمر الصحفي للحكومة؛ حول إلزامية المطعوم وحول اعتبار الجرعة الثالثة للمطعوم مدعمة أم أساسية، أعتقد أن هذه التخبطات أدت إلى تعزيز الانطباع السلبي عن المطعوم. 

عالميًا، مقاومة التطعيم ليست مشكلة جديدة، لكن جائحة كوفيد أدت إلى تفاقمها، وبدا واضحًا في الجائحة أن الاستقطاب السياسي حول سياسات اللقاحات سيؤدي إلى تفشي الأمراض المعدية التي كانت خاضعة للسيطرة سابقًا. كيف تقرأ مشكلة مقاومة التطعيم في الأردن؟

إن حملات مقاومة التطعيم هي حملات قديمة وعالمية. ويوجد جمعيات كبيرة تحارب التطعيم وربطت التطعيم بأمراض التوحد عند الأطفال وأحدثت جدلًا واسعًا على مدى سنوات، ورغم ذلك لا يوجد أي دليل علمي على العلاقة بين التوحد والتطعيم. توسعت هذه الحملات عالميًا بعد جائحة كوفيد وعززت فرضياتها حول مطاعيم كوفيد وارتبطت بنوايا التجسس وغيرها.

ورغم تبني الكثير من الأردنيين لفرضيات رفض مطاعيم كوفيد إلا أنه حتى هذه اللحظة لا تزال هناك ثقة شعبية في البرنامج الوطني للتطعيم. لكن الأحداث الحالية نعتبرها تحذيرًا للمستقبل. فعلى وزارة الصحة والمسؤولين عن النظام الصحي في الأردن تعزيز ثقافة التطعيم والدفاع عنها من خلال حملات توعوية في المدارس والمنازل، ولا ينبغي أن تقتصر فقط على المواقع التواصل الاجتماعي. وهذا مهم لأننا لا نريد أن تتسلل حالة عدم الثقة الشعبية بمطعوم الحصبة إلى كافة المطاعيم.

بفضل التطعيم، جرت حماية أعداد هائلة من البشر من العديد من الأمراض المعدية ومن بينها الحصبة. ما الذي يمكن فعله اليوم للتعامل مع حركات مقاومة التطعيم ضد الحصبة في الأردن؟

أعتقد أن على الحكومة أن تتعامل مع حالات الرفض الشعبي لبعض المطاعيم بشيء من الحكمة، على سبيل المثال، لدينا اليوم ردة فعل مناهضة من الناس لمطعوم MR الهندي رغم مأمونيته. يمكن أن تلجأ الحكومة إلى مطعوم MMR في المرحلة الحالية وهو مطعوم موثوق شعبيًا، لتستكمل حملة التطعيم وتحل أزمة الثقة الحاصلة. في الوقت نفسه يمكن للحكومة أن تحضر مطعوم MR الهندي لتستكمل إجراءات تسجيله. حتى تعتمده لاحقًا بضمانات أكبر أمام الناس. لأننا لا نريد بالتأكيد أن نفقد ثقة المجتمع بكافة المطاعيم.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية