عوني حسونة

عوني حسونة: الحكم الأردني الوحيد في تاريخ كأس العالم

عوني حسونة خلال مشاركته كحكم راية في إحدى المباريات، المصدر: أرشيف حسونة. تصوير مؤمن ملكاوي.

عوني حسونة: الحكم الأردني الوحيد في تاريخ كأس العالم

الإثنين 28 تشرين الثاني 2022

مع دخول الحكم الأردني عوني حسوّنة أرض استاد أولسان مونسو في كوريا الجنوبيّة يوم الأول من حزيران عام 2002، للمشاركة في إدارة أولى مبارياته في كأس العالم كحكم راية، تأكّد كيف أن هذه اللحظة تختلف عن كل اللحظات التي شهدها خلال مسيرته في التحكيم؛ محليًا في الدوري الأردني بمختلف درجاته، ودوليًا كحكم راية في أقوى البطولات العالميّة في ثلاث قارات.

توّجت هذه المشاركة حسّونة بلقب أول وآخر حكم أردني يشارك في كأس العالم، حتى بعد مضيّ 20 عامًا على تلك اللحظة، وعوّضته عن مسيرة قصيرة وصعبة في لعبِ كرة القدم.

من لعب كرة القدم إلى تحكيم مبارياتها

بدأت حكاية حسونة مع كرة القدم كلاعبٍ في مدرسة ذكور ماركا الإعدادية التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وفي حارات مخيم حطين الذي جاء إليه مع العائلة متنقلًا من بلدة الكرامة الحدوديّة، حيث ولد هناك سنة 1964، إلى جبل الزهور في عمّان ليستقرّ أخيرًا في المخيّم.

مع حلول منتصف السبعينيات كان الأب عبد الكريم يعمل في التحميل والتنزيل في مصنع حديد في ماركا، والأم في البيت تنتظر عودة ابنها بعد دوام المدرسة، لكن حسّونة ظلّ يتأخر في اللعب في الحارات، وهذا أمرٌ لم يُعجب الأب، «شو يا عبد؟» هكذا قال قريب لوالده، «بعده ابنك داير ورا الهمالة؟». عرف الأب أن الهمالة هي كرة القدم فعاتب ابنه: «شايف يابا خليت الناس يحكوا عليّ»، فبكى الطفل، لكنه لم يتوقف عن اللعب، وانضمّ سنة 1978 لفرق الفئات العمريّة في نادي شباب مخيم شنلّر الذي كان فريقه الأوّل ينافس في دوري الدرجة الثالثة.

عارض آباء في المخيّم لعِب أولادهم كرة القدم بسبب حاجتهم إليهم في تدبير شؤون البيت خلال فترات عملهم الطويلة، بالإضافة إلى اعتبارهم كرة القدم لا تطعم خبزًا. لطالما حاول لاعب الفريق الأوّل في النادي ومدربه في نفس الوقت حسين شاهين إقناع الآباء السماح لأولادهم باللعب في النادي: «أنا بحاجة ابني يوقّف معي ويسندني»، هكذا كانوا يردّون عليه.

تدرّج حسّونة في اللعب للفئات العمرية حتّى وصل إلى الفريق الأوّل، وفي إحدى المباريات طُرد حارس المرمى عدنان زعرور فأخذ مكانه. صعد الفريق إلى الدرجة الأولى، وجذبَ الكثير من اللاعبين إليه، ما اضطر المدرب شاهين إلى اختيار الأفضل بينهم لشدّة المنافسة، فتحول حسّونة إلى حارس ثالث للفريق، فاختلف مع المدرب بدايات العام 1985 وترك لعب كرة القدم.

ضمّت مجموعة الأصدقاء الأقرب إلى حسّونة تلك الفترة فتحي العرباتي ويوسف شاهين وأحمد أبو خديجة، وهم لاعبون سابقون في فريق شباب مخيم شنلر. في الأول من أيّار 1985 قرأت المجموعة خبرًا في الصحف عن نيّة الاتحاد الأردني لكرة القدم إقامة دورة حكّام كرة قدم مستجدّين، فتقدموا بطلبات الالتحاق في مقر الاتحاد في جبل اللويبدة.

طلب ممدوح خورما، رئيس لجنة الحكام في الاتحاد آنذاك، من المجموعة الالتحاق بالتحكيم كحكم رابع في اليوم التالي لتقديم الطلبات، وجاء توزيع حسّونة لمباراة بين فريقي كشافة الرصيفة والسخنة على ملعب الفوسفات في الرصيفة، يقودها الحكم فاروق شكّور، «أول مباراة بروح وبقعد فيها [حكم] رابع، وأنا لا بعرف رابع، ولا بعرف إشي، وهذا أول يوم إلي بتاريخ التحكيم».

كان التقليد السائد في الأردن أن يلتحق بالتحكيم لاعب اعتزل كرة القدم في بداية الثلاثينات من العمر، أو لاعب ترك اللعب بسبب الإصابة، لكن هذه المجموعة التحقت بالتحكيم في بداية العشرينات من أعمارهم، الأمر الذي أثار حفيظة خورما وأدخلهم عالم التحكيم في اليوم التالي لتقديم الطلبات كما يقول حسّونة.

تدرّج حسونة في تحكيم المباريات من دوري الفرق المستجدة ثم الدرجة الثالثة فالثانية، وخضع خلال هذه المدّة لعدة دورات ومحاضرات في الاتحاد الأردني، ثم وصل إلى الدرجة الأولى في عام 1990، وشارك في تحكيم بعض المباريات في الدرجة الممتازة -المحترفين حاليًا- كحكم ثانٍ إلى جوار حكّامٍ من الجيل الثاني من الحكّام الأردنيين.

وكان قد مرّ جيلان من الحكّام على كرة القدم في الأردن؛ الأول ضمّ أسماء منها: ممدوح خورما، ونظمي السعيد، ومحمد بزادوغ، وعبد الكريم أبو عياش، وكان بعضهم يحكّم في أكثر من لعبة مثل كرة السلّة وكرة اليد وكرة الطاولة. أما الجيل الثاني فمن أبرزهم: إسحاق أبو علي، وعودة الرحال، وأحمد باش، ومحمد السكران وعمر بشتاوي، وكانت مسيرة بعض الحكام في هذا الجيل توشك على نهايتها بسبب التقدم في العمر.

برز الجيل الثالث من الحكّام الأردنيين منتصف التسعينيات، وضمّ أسماءً منها بالإضافة إلى حسّونة: فتحي العرباتي ويوسف شاهين وأحمد أبو خديجة ومحمد هديب وأسامة جبران. يعتبر شاهين أن هذا الجيل من الحكّام هو المؤسس لمرحلة الاحتراف في التحكيم الأردني، عازيّا ذلك إلى تطبيق معايير تقييم الحكام بعد أن كانت المراحل السابقة تخضع لاجتهادات شخصية من رئيس لجنة الحكّام في الاتحاد، إضافة إلى التنافس الشديد بين الحكّام الذي فرضه كثرة الملتحقين بالتحكيم خلافًا للجيلين الأول والثاني.

مع نهاية العام 1993 رشّح الاتحاد الأردني حسونة للحصول على الشارة الدوليّة كحكم راية، وحصل على اعتماد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) مع بداية العام 1994. وكانت الفيفا آنذاك تعتمد في منح الشارة الدولية على معرفة الحكم باللغة الإنجليزية، وجاهزيته البدنية، وعدد المباريات التي حكّمها، وأهميّتها في تتويج أحد الفريقين باللقب أو هبوط أحدهما للدرجة الأدنى.

حسّونة يقود تحكيم مباراة في الدوري المحلي منتصف التسعينيات. المصدر: أرشيف حسونة.

تراوحت أجور الحكم في المباراة الواحدة في السنوات 1987-1994 من دينارين إلى 12 دينارًا حسب الدرجة التي يدير فيها الحكم المباراة،[1] وبلغ دخل حسّونة حينها 83 دينارًا لقاء عمله معلمًا للتربية الرياضية في وزارة التربية والتعليم التي تعين فيها بعد تخرّجه من كلية عمّان، بالإضافة إلى ما يتقاضاه من أجور التحكيم. وكان ينفق معظم دخله على بيت أهله في المخيم: «ما كان وضعي المادي جيد، كنت أساعد والدي في مصروف البيت».

من بين عشرات المباريات التي أدارها حسونة كانت لقاءات الوحدات والفيصلي ذات طابع خاص بسبب الجمهور الذي يملأ المدرجات: «الآن بجوز تروح على بعض الملاعب تلاقي فيها وساع، الفترة الماضية ستاد عمان قبل ثلاث أربع ساعات تلاقيه مسكر مفيش فيه وسع لواحد». وما ظلّ يسمع عنه لسنوات من أجواء المباريات المشحونة وما تشكله من ضغط على الحكم واجهه حسّونة في منتصف التسعينيات، حين أدار أول لقاء له بين الفريقين. امتدت الرهبة حتى الدقائق العشر الأولى ثم اختفت، وحل محل الضغط شعور آخر: «خلاص أنا بالتلفزيون ووالدتي بدها تشوفني وقرايبي».

تحوّلت نظرة الأهل إلى مصدر فخرٍ، ولم يعد مضطرًا مثل السنوات السابقة حين كان لاعبًا في مخيم شباب شنلر لأن يمارس كرة القدم من ورائهم. تباهى عبد الكريم بابنه، لكن الأم ظلّت تتابع ابنها على التلفاز وفي مبارياته التي تشهد احتجاجات وتقترب من الشاشة وتصيح على الموجودين في الملعب «يما إبعد عنّه هيك، يما ابعد عنهم».

حكمًا في ثلاث قارات

كانت المباراة الأولى لحسونة خارج الأردن عام 1994، حين عيّن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم طاقم حكّام أردنيين يضم كلا من دحام عقيدات كحكم ساحة، وحسونة وأحمد بديوي كحكمين مساعدين لإدارة مباراة فريق مرباط العماني والعربي الكويتي ضمن بطولة الأندية الآسيوية بمدينة صلالة بعُمان. يختار الاتحاد الآسيوي حكّام مباريات الأندية القارّية عبر تعيين طاقم حكّام من الدولة العضو فيه، ويبحث عن الأسماء التي تحمل الشارة الدولية ويختار منهم الطاقم ثم يخاطب الاتحاد المحلي.

في السنة التالية، طلب رئيس لجنة الحكام في آسيا، وممثل الاتحاد الآسيوي لدى الفيفا، السوري فاروق بوظو، من رئيس لجنة الحكام في الاتحاد الأردني آنذاك نظمي السعيد ترشيح حكم راية أردني للمشاركة في التصفيات الأولمبية المؤهلة لأولمبياد أتلانتا 1996 المقامة في ماليزيا، فرشح حسونة.

كانت هذه البطولة الانطلاقة الآسيوية لحسّونة، وبناءً على نتائجه في الدور الثاني فيها اختير كمساعدٍ ثانٍ لإدارة المباراة النهائيّة بين منتخبيّ اليابان وكوريا الجنوبيّة، إلى جانب السوري جمال الشريف كحكم ساحة، والبحريني يوسف القطان كمساعدٍ أول: «هذيك البطولة كانت الانطلاقة، خلت الناس برّة تعرف مين عوني حسونة».

وبناءً على أدائه في هذه البطولة وتقييم لجنة الحكام المعينة من الفيفا، اختاره الاتحاد الدولي ضمن طاقم حكّام للمشاركة في إدارة كأس العالم للناشئين بكرة القدم تحت سن 17 سنة في الإكوادور.

ميدالية مشاركة حسّونة في إدارة النهائي. المصدر: أرشيف حسونة.

حتّى نهاية التسعينيات كانت أجرة الحكم في الدوري المحلي 15 دينارًا على المباراة الواحدة، وتراوح عدد المباريات التي يشارك فيها الحكم في السنة بين 30 و40 مباراة، لم تكن أجورها لتغطي ثمن مواصلاته وغسيل وكي ملابسه كما يقول حسونة، لذا كانت مشاركاته الدوليّة فرصةً لتحسين وضعه الماديّ. صرفت الفيفا في كأس العالم للناشئين في الإكوادور 10 آلاف دولار لكل حكم مشارك بعد اجتياز اختبار اللياقة البدنية، بالإضافة إلى 200 دولار على كل يوم يقضيه في البطولة، «يعني أرجع بعد بطولة الإكوادور بـ13 ألف دولار، تحكي بالـ95، مبلغ كبير».

دخل حسونة البطولات الدولية على أساس أنها ستكون فاتحة لبطولات أخرى أكبر، لذا اجتهد في التمارين ستة أيام في الأسبوع بواقع ساعة ونصف يوميًا، وحسّن لغته الإنجليزية، وواظب على حضور محاضرات وندوات حول الجديد في قانون كرة القدم، التي يعقدها الفيفا للحكّام قبل البطولات. واجتهد للحصول على أشرطة فيديو لمباريات وحالات تحكيمية في مباريات سابقة للاستفادة منها. ومع حلول العام 1998 حصل على جائزة أفضل حكم آسيوي مساعد من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

وبين السنوات 1998 و2001 طُلب حسونة في أكثر من بطولة آسيوية ثم دوليّة، منها بطولتْي القارات 1999 و2001، وبناءً على تقييمه من مراقبي الحكّام خلال الأدوار الأولى شارك في تحكيم نهائي القارات 1999 بين البرازيل والمكسيك كمساعدٍ ثانٍ ضمن طاقم حكّام مكوّن من السويدي أندريس فريسك، والإسباني فرناندو غراسيا كمساعدٍ أول.

دخل حسونة ملعب المباراة النهائية بين البرازيل والمكسيك قبل موعد المباراة لإجراء الإحماءات، وأُغلقت أبواب استاد الأزتيكا بالمكسيك، فشعر أنه الآن وحده مع أكثر من 100 ألف مشجع، ومعهم ملايين المتفرجين عبر الشاشات حول العالم.

بطاقة حكم ثالث في كأس العالم للناشئين في الإكوادور. المصدر: أرشيف حسونة.

في هذه المباراة شاهد أمامه نجوم منتخب البرازيل الذين لطالما تابعهم لسنوات عبر التلفاز، وسيكونون اليوم ملتزمين بالراية التي سيرفعها، وستظل هذه المباراة عالقةً في ذاكرته إلى الأبد: «حكمت بعديها كأس العالم بس هاي المباراة كانت الأجمل، كانت أسماء كبيرة في البرازيل، أسماء أشوفها بالتلفزيون وأنا أضحك [إنه] في يوم أحكملها».

وشارك حسونة في إدارة نهائي القارات عام 2001 بين اليابان وفرنسا كمساعدٍ ثانٍ للحكم الإماراتي علي بوجسيم والمساعد الأول اليوغسلافي إيغور سراميكا، وكانت المباراة أقل رهبةً من نهائي 1999، «الجمهور أخف، [جمهور] أمريكا اللاتينية مختلفين». وبعد هذا النهائي شارك حسونة في أولمبياد سيدني 2000، وبناءً على نتائجه في الأدوار الأولى اختير كمساعدٍ أول للحكم المكسيكي فيليب راموس لإدارة النهائي بين منتخبي إسبانيا والكاميرون.

هكذا يكون حسونة قد شارك في إدارة ثلاثة نهائيات في أقوى البطولات في قارات إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، كما حصل على لقب أفضل حكم عربي مساعد من صحيفة الحدث اللبنانية لثلاث سنوات متتالية بين عامي 1999 و2001 ولم يتبقَ له غير المشاركة في المونديال، أرفع مسابقة لكرة القدم في العالم.

حسّونة يشارك في إدارة إحدى مباريات كأس القارات. المصدر: أرشيف حسونة.

«كأس العالم غير»

كان اسم حسونة قد تثبّت كأحد أفضل حكّام كرة القدم في آسيا، وفي بداية شهر كانون الثاني من العام 2002 تلقّى اتصالًا من الصحفي محمد قدري حسن يخبره أن لجنة الحكّام في الفيفا أنهت اجتماعها لاختيار حكّام مونديال كوريا الجنوبية واليابان، وأن اسمه بين أسماء الحكّام المختارين. صرخ حسونة عند تلقيه الخبر: «أنا محكّم بطولات كبيرة، بس هذا كأس عالم، [يضحك] لما تقول رحت كأس عالم غير».

سافر حسونة إلى كوريا الجنوبية للمشاركة في تحكيم المباريات الثلاث التي عيّنت له في دور المجموعات وهي: الدنمارك والأوروغواي، والبرتغال والولايات المتحدة، و إسبانيا وجنوب إفريقيا. وقد ضمّت قائمة حكّام كأس العالم في تلك النسخة 72 حكمًا من 58 دولة، أشهرهم الإيطالي بيير لويجي كولينا، وكان بينهم 10 حكّام عرب؛ خمسة رئيسيون[2] وخمسة مساعدون.[3] وفّر هذا العدد من الحكام العرب جوًا من الألفة لحسّونة كما يقول: «كنا زي عيلة، علي أبو جسيم عمل غرفته مضافة للحكام العرب، بس وقت النوم، والباقي بغرفة أبو جسيم».

هناك على أرض ملعب أولسان مونسو في كوريا الجنوبيّة، وفي الأول من حزيران 2002، ومع انطلاقة صافرة الحكم الرئيسي الكويتي سعيد كميل معلنًا بداية مباراة الدنمارك والأوروغواي، تأكّد حسونة أنها لحظة تتويج رحلته في كرة القدم منذ كان يلعب في حارات المخيّم.

تابع المدرب حسين شاهين كأس العالم وانتظر مباريات حسّونة، وحين رآه يقف في أولى مبارياته عرف أن ذلك الشاب الذي ترك فريق كرة القدم في بداية الثمانينيات ما كان ليترك التحكيم حتى يصل إلى هناك، وأن مسيرة النجاح هذه كانت ردة فعل على ما لم يحالفه فيه الحظ في لعب كرة القدم.

ويتذكّر الحكم الأردني الدولي عبد الرحمن عقل صورة حسّونة وهو يتحدّث على أحد برامج التلفزيون الأردني عن مشاركاته الدوليّة واستعداداته للمشاركة في كأس العالم. كان عقل حينها يلعب في فريق الناشئين في نادي العودة بالزرقاء، وكان يتهيأ للخروج من البيت للالتحاق بالتمرين حين لمح صورة حسّونة على الشاشة، في تلك اللحظة بالذات أيقن عقل أنه كشاب من نفس محيط حسّونة في الزرقاء يمكن له أن يصل إلى ما وصل إليه، لذا وقبل خروجه للتمرين كان قد اتخذ قراره بترك كرة القدم والتوّجه إلى التحكيم.

عاد حسونة إلى الأردن وقد حقق كل ما أراد في مسيرته، دون أن يحصل -كما يقول- على تكريم من الاتحاد الأردني لكرة القدم على مشاركته في كأس العالم. من جانب آخر، كانت قد تحسنت الظروف المالية لحسونة: «الحكم لما يطلع من الدوري المحلي إلى العالمي ببلش يستفيد ماليًا».

حسّونة ينظر إلى تذكارات مشاركاته حول العالم. المصدر: أرشيف حسونة.

لا يعرف حسّونة كيف زجّت بعض وسائل الإعلام باسمه إلى جانب حكم الساحة المصري جمال الغندور الذي أدار مباراة إسبانيا وكوريا الجنوبيّة في مونديال 2002، وكانت بعض الأخطاء التحكيمية فيها قد تسببت بإقصاء منتخب إسبانيا، إذ لم يتواجد حسونة في تلك المباراة كما تظهر سجلات الفيفا. يبتسم حسونة معلقًا على ما حدث: «اللاعب بلاقي 100 ألف واحد يصفقله ويدافع عنه، المدرب يلاقي ناس تسانده، الحكم لغاية الآن بعيد عن الأضواء دائمًا، الهجوم على التحكيم دائمًا، الحكم عليه ضغط، لذلك فيه ناس كثير كانت تهرب من التحكيم».

قبل اعتزاله بسنوات قليلة كان جيل جديد من الحكّام الأردنيين ينظر إلى حسّونة كنجم وصل إلى ما لم يصل إليه أحد من قبله في الأردن. مثلًا، خلال فترات تمارين الحكّام، كان عقل ينهي تمرينه وينتظر تمرين حسّونة وشاهين والعرباتي ليعيد التمرّن معهم أملًا في مرافقة قصيرة أو محادثة جانبيّة.

اعتزل حسّونة سنة 2009،[4] واعتزل خلال السنتين اللاحقتين كل من شاهين والعرباتي، وقد وصل الأخير إلى قائمة الحكّام الاحتياطيين المختارين في مونديال ألمانيا 2006.

مع انتهاء مسيرته في الملاعب كان حسّونة قد دشّن اسمه في قائمة الحكّام الكبار، كأول وآخر حكم أردني يشارك في كأس العالم، حتّى بعد مضيّ عشرين عامًا على تلك المشاركة.

  • الهوامش

    [1] بحسب حسّونة وبحسب إعلان الاتحاد الأردني لكرة القدم الذي رفع أجور الحكّام مع بداية العام 1987 لتصير على النحو التالي: 10 دنانير على المباراة الواحدة للحكم الدولي، وثمانية دنانير في الدرجة الأولى، وسبعة دنانير في الدرجة الثانية، وخمسة دنانير في الدرجة الثالثة، ودينارين في دوري المستجد (جريدة الرأي: رفع أجور حكّام كرة القدم، عدد 7 كانون ثاني 1987).

    [2] هم علي بوجسيم (الإمارات)، وسعد كميل (الكويت)، وجمال الغندور (مصر)، ومراد الدعمي (تونس)، ومحمد كزاز (المغرب).

    [3] هم عوني حسونة (الأردن)، وعلي طريفي (السعودية)، وحيدر قليط (لبنان)، وفرج وجيه (مصر)، وتوفيق العجنقي (تونس).

    [4] عمل حسّونة قبل اعتزاله بسنة في دائرة الحكّام بالاتحاد الأردني لكرة القدم حتّى العام 2014 حين تعاقد معه الاتحاد الإماراتي لكرة القدم خبيرًا للتحكيم ثم عاد للاتحاد الأردني نائبًا لرئيس لجنة الحكّام حتى الآن إضافة إلى عمله محاضرًا ومراقبًا للحكام في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية