«بدي أصير بطل عالم بالملاكمة. ما بعرف متى، بس راح أصير».
توقف مهدي مشاعلة ابن الثلاثة عشر عامًا عن ضرب كيس اللكم ونظر في عينيّ مباشرة عندما قال هذه الجملة، ثم واصل تمرينه مفضّلًا عدم التوقف عن التدرّب من أجل التفرغ لإجراء مقابلة صحفية. مهدي هو واحد من نحو خمسين متدرّبًا على رياضة الملاكمة في مركز «شباب الأردن» الضيق، الذي بات الآن المكان الوحيد لمن يرغب بالتدرب على هذه الرياضة في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين، ومن بينهم لاعب المنتخب الوطني للملاكمة حسين عشيش الذي شارك في ألعاب ريو دي جانيرو الأولمبية الأخيرة، وكان على بعد خطوة واحدة من تحقيق ميدالية للأردن.
قد لا يكون مهدي، طالب المدرسة الذي يعمل والده سائق تاكسي، يبالغ بقوله ذلك. فمدربه محمد عشيش، الذي درّب المنتخب الوطني للملاكمة لستة عشر عامًا، يراهن عليه إلى جانب عدد من الأسماء الأخرى التي يعتقد أنها ستمثل الأردن مستقبلًا في البطولات العالمية، وهو الذي سبق أن راهن على أبطال هذه اللعبة الآن، إيهاب درويش وحسين وزياد عشيش، عندما كانوا بعمر مهدي.
يتدرب مهدي منذ خمس سنوات تقريبًا. قد يوصله إصراره على تحقيق حلمه وجديته بالتدريب وثقة مدربه فيه للمشاركة بالبطولات الإقليمية والعالمية، لكن تحقيق إنجاز بهذا المستوى يحتاج لأكثر من الحلم والدافع الذاتي. هذا ما تقوله تجارب نوادي مخيم البقعة.
مهدي مشاعلة، بالأسود، يتدرب مع الملاكم الأولمبي حسين عشيش في مركز شباب الأردن بالبقعة.
يعيش في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين في محافظة البلقاء، الذي تأسس عام 1967، نحو مئتي ألف نسمة، مكتظين في مساحة 1.5 كم. إلا أن هذا الاكتظاظ والفقر لم يمنع أن يتفوق المخيم، وهو أكبر مخيمات الأردن، على مدنها في تنشئة الرياضيين في بعض الرياضات الفردية كالملاكمة ورفع الاثقال وألعاب القوى. فالمخيم قدم أبرز نجوم تلك الرياضات، ولعل أشهرهم محمد أبو خديجة الذي تختزل قصته الكثير من تفاصيل واقع تنشئة الرياضين في المخيم، وواقع المخيم نفسه.
كان أبو خديجة محبوب الأردنيين خلال التسعينيات، بعد أن حقق ميداليتين ذهبيتين في الألعاب العربية عامي 1997 و1999، وبينهما حقق فضية الألعاب الآسيوية عام 1998، ثم كرر الإنجاز ذاته عام 2000 في العاصمة الكورية الجنوبية سيؤول، ليرفع آمال الأردنيين بتحقيق الميدالية الأولمبية الأوّل في تاريخ البلاد.
ما كان يجهله الأردنيون وقتها هو أن أبو خديجة أثناء إعداده للألعاب الأولمبية في أثينا عام 2004 كان يعمل حارسًا ليليًا لأحد بارات عمّان، لتأمين دخل ثابت. وقبل سفره لأثينا بأيامٍ قليلة تشاجر مع اثنين من رواد البار قبل أن يقتلهما ويدان قضائيًا. فتحت هذه الحادثة وقتها باب النقاش حول إعداد الرياضيين الأردنيين للبطولات العالمية، وهو الإعداد الذي على ما يبدو لم يتغير كثيرًا حتى الآن.
في آب الماضي، حقق الأردن الميدالية الأولمبية الأولى التي لطالما طمح لها عبر لاعب منتخب التايكواندو أحمد أبو غوش في الألعاب الصيفية في ريو دي جانيرو بالبرازيل، والتي أكد من خلالها أن الرياضات الفردية هي أمل الأردن حاليًا في تحقيق الإنجازات الرياضية على المستوى العالم.
حسين عشيش، لاعب الملاكمة لوزن فوق 91 كغم، أتم الواحدة والعشرين من العمر قبل أن يسافر لريو بأيام قليلة. وصل عشيش إلى دور الثمانية، وكان بذلك أوّل ملاكم بتاريخ الأردن يصل لهذا الدور المتقدم. وفصله عن الميدالية البرونزية على أقل تقدير فوز واحد، إلا أن الحظ السيء وضعه مع بطل العالم، اللاعب الفرنسي توني يوكو. ومع ذلك، قدم حسين مباراة جيدة جدًا وقوية بدنيًا، لكن في النهاية انتصر اللاعب الأكبر عمرًا والأكثر تحضيرًا، والذي حقق الميدالية الذهبيّة في النهاية.
حسين عشيش في أحد تدريباته الصباحية في مركز شباب الأردن.
«كنت بقدر أفوز على الفرنسي لو حضروني أحسن. بس هيك صار»، يقول حسين الذي لم يتدرب بشكل منتظم منذ أن عاد من البرازيل، لأن تدريبات المنتخب الوطني للملاكمة في نادي البقعة متوقفة حتى تاريخ نشر التقرير، لأسباب مادية. «إحنا بندرّب شهر وبنوقف شهر. المنتخب بجمعنا قبل ما يكون في بطولة، والنادي هيك كمان، ما في تدريب دايم»، يقول حسين.
قبل أن يلعب الملاكمة، كان حسين يعمل في نقل الخضار والفواكه في سوق مخيم البقعة، ويتقاضى مقابل ذلك ما يساعده على مساندة عائلته. بعد عام من ممارسة هذه اللعبة، حقق ميداليته المحلية الأولى، كما كانت السبب بإنقاص وزنه من 130 كغم إلى 85 كغم، ليقع سريعًا في حب هذه اللعبة التي مارسها عددٌ كبير من أقاربه، ولعل أبرزهم مدربه وعمّه محمد عشيش.
«حلو الناس تطّلع عليك كبطل. الناس بتحترمك وبتقدرك لما تعمل شيء مهم إلهم»، يقول حسين الذي لا يتقاضى راتبًا شهريًا مقابل ممارسته لرياضة الملاكمة بشكل محترف، ويدفع له الاتحاد الأردني للملاكمة بدل كل تدريب ستة دنانير، مما يعني 120 دينارًا شهريًا إن كان تدريب المنتخب منعقدًا. هذا التدريب يكون في الصالة الرئيسية في المدينة الرياضية، ومؤخرًا أصبح عشيش عضوًا في جهاز الدرك الذي يفرّغه لممارسة الملاكمة، لكن أحيانًا يطلب منه الالتزام بالدوام.
يقول حسين: «350 دينار شهريًا ما بكفّوا تعدّ بطل للأولمبياد أو لبطولة عالمية. أنا متزوج وعندي ولدين، وأنا هسا مصنف خامس على مستوى العالم. وإذا بدي أضل على هاد المستوى، لازم أتدرب بشكل مستمر وبمعسكر دائم، وأنا لسا صغير، في الأولمبياد الجاي راح يكون عمري 25 سنة بس، وصار عندي خبرة بتخليني أكون متأكد إني بقدر أجيب ميدالية، بس إذا ضل الوضع زي هيك يمكن تكون صعبة. بس أنا ما راح أيأس، لازم أجيبها».
ما زال حسين يعيش في مخيم البقعة، لكنه يقر بأن الوضع في المخيم يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وهو ما يصعّب فكرة الاستقرار فيه. «المخيم ربّاني، بس كل يوم الوضع من سيء لأسوأ، بتمنى أطلع أعيش بمكان ثاني. المخدرات بكل مكان. بتعرف؟ أنا لو ما بلعب ملاكمة، كان يمكن بتلاقيني هسا بدخّن 200 نوع مخدرات. الوضع صار بخوف هون».
يتدرّب حسين الآن في مركز «شباب الأردن» للملاكمة، بإشراف عمّه المدرب محمد عشيش. يقع المركز بالقرب من السوق الرئيسي للمخيم، وتتدرب فيها ثلاث فئات عمرية مقابل مبلغ رمزي، وبات الآن المكان الوحيد للتدرّب على الملاكمة في مخيم البقعة، بعد تعليق نشاط اللعبة في نادي البقعة ونادي يرموك البقعة، تعليقًا يبدو أنه نهائي.
أُقيل محمد عشيش من هيئة المدرّبين لمنتخب الملاكمة قبل السفر إلى ريو بفترة وجيزة، بعد أن درّب المنتخب لستة عشر عامًا. وكان عشيش لاعبًا وبطلًا على المستوى المحلي والعربي، وهو من أدخل حسين إلى رياضة الملاكمة، وكان من القلّة التي تؤمن أن حسين باستطاعته العودة بميدالية أولمبية.
محمد عشيش (أعلى، ويسار) وسط مجموعة من متدربيه.
«حسين كان بقدر يهزم الفرنسي. شفتوه كيف بلعب بقلب ميت، الفرنسي كان بخبّي وجهه منّه. حسين كان بده حد بحكي لغته، يقدر يحفّزه ويحضّره نفسيًا بشكل منيح. نص رياضة الملاكمة قائمة على المعنويات، وكان بنقصه الحد اللي بعرف يطلّع أفضل شيء منه بهيك مباريات صعبة». ورغم غضبه من استبعاده من تدريب حسين، لم يقلل من مجهود مدربه الحالي، الجزائري عزالدين عقون، الذي ساهم بأن يصل حسين إلى هذه المرحلة.
لاعب المنتخب الوطني السابق محمد عشيش دخل رياضة الملاكمة بعد أن كان بائع «ترمس متجول» وهو في الخامسة عشرة من عمره. قصته مع الملاكمة بدأت بعد أن دافع عن نفسه أمام عددٍ من لاعبي الرياضة في مخيم البقعة إثر شجار دار بينهم، ليقنعوه بعدها بأنه يملك «قلبًا ميتًا»، يستحق معه أن يتواجد فوق الحلبة وبين الحبال. وكانوا محقين، فبعد سنة واحدة حقق الميدالية الفضية في بطولة بغداد الدولية، حين كان في السادسة عشرة من عمره.
بعد أن ترك عشيش الملاكمة تفرغ للتدريب، ليحصل في آخر أيامه التدريبية على راتب لا يتجاوز الـ400 دينار شهريًا. ومع ذلك، استمر في التدريب متنقلًا ما بين تدريب نادي البقعة والمنتخب الوطني. وخلال ذلك، افتتح مركز «شباب الأردن» الذي يحوز الآن كل اهتمامه.
«مش سهل إنك تصنع بطل»، يقول عشيش. «الموضوع بده عناية واهتمام طويل وخطة واضحة. عنا أبطال ومشاريع أبطال، بس ناقصنا العناية والتخطيط الطويل. عندي هون في الصالة أسماء راح تكون موجودة بالألعاب الأولمبية الجاي واللي بعدها إذا لقت عناية».
ثم أوقف الحديث معنا وتحرك نحو منتصف الصالة ونظر باتجاهنا مشيرًا إلى حيث يتدرب الأطفال بعد أن حاز على اهتمامهم وقال: «أنا عندي ثلاث ميداليات أولمبية للأردن في الألعاب الجاي واللي بعدها تحت سقف هاي الصالة»، وأشار إلى ثلاثة لاعبين صغار، كان من بينهم مهدي مشاعلة.
وعن سر تفوق مخيم البقعة في هذه الرياضة، يقول عشيش: «ابن المخيم عنده الدافع إنه يعمل شيء ويثبت إنه بطل. الملاكمة كانت دايمًا للفقراء، وحافزهم لتجاوز واقعهم». منذ سنوات يسيطر نادي البقعة على بطولات الملاكمة المحلية والإقليمية التي تقام بالأردن، ولعل أشهرها بطولة «ميلاد القائد» التي تشارك فيها أندية عربية محترفة وما زال فريق البقعة يحمل لقبها حتى الآن.
فتية خلال التدريب في «شباب الأردن» مع محمد عشيش.
ليس بعيدًا عن «شباب الأردن»، نادٍ آخر يحتضن بعض ملاكمي البقعة. رئيس نادي البقعة، حسن مرشود، يقول بأن رياضة الملاكمة هي واحدة من الرياضات المهمة بالنسبة للنادي التي لطالما حققت إنجازات مهمة على المستوى الفردي والجماعي، لكنه يؤكد بأن النادي لا يملك الإمكانيات المادية الكافية للصرف على نشاطها على مدار العام، وهو ما يستدعي توقيفها من فترة لأخرى.
«في مشاكل مادية عنا، وإحنا مواردنا شحيحة، لكن إحنا بنعتبر حالنا في فترة استراحة»، يقول مرشود. ولا يعتقد أن هذا التوقف يؤثر على استعداد اللاعب للبطولات المحلية والعالمية. «الخبراء بالملاكمة بأكدوا إنهم بقدروا يستعيدوا لياقة أي ملاكم خلال شهرين، وإحنا ما بدنا أكثر من هيك للاستعداد للبطولات».
الملاكمة ليست الرياضة الفردية الوحيدة التي يتميز فيها مخيم البقعة. فنادي يرموك البقعة واحدٌ من أفضل نوادي الأردن في رياضة رفع الأثقال، وقدّم أبطالًا على المستوى العربي والآسيوي، وحقق إنجازات جماعية على نفس المستوى.
عندما زرنا النادي، كانت مجموعة من الأطفال تتدرب على رفع الأثقال في صالة أفراح تابعة للنادي، بإشراف من المدرب الدولي ولاعب المنتخب الوطني السابق في رفع الأثقال، علي الجابري، ضمن مشروع يسعى من خلاله لتأسيس جيل جديد من الأبطال في هذه اللعبة.
المدرب علي الجابري (أعلى) يوجّه عددًا من متدربيه الصغار.
يقول الجابري، الذي كان بطلًا للأردن في وزن 62 كغم قبل أن يتجه للتدريب بشكل أكاديمي: «الصالة مؤقتة. إحنا بدنا نروح على الصالة الجديدة بالمبنى الجديد للنادي، بس لهسا ما خلصت، يمكن في مشاكل مع المتعهد والجهة اللي تبرعت بتأسيسها. كل اللي بتدربوا هون من اولاد المخيم. بدنا نطلّع منهم أبطال، وبدنا ندربهم بطريقة صحيحة، مش زي ما تدربنا إحنا، ومن المهم كمان إنهم يبلّشوا بهالعمر وخطوة خطوة».
يقول الكابتن الجابري: «بعد دراسة عملية، رفع الأثقال مهمة جدًا للبيئات الي بتشبه بيئة مخيم البقعة. بالعامية، إحنا زي اللي بنلمّهم من الشوارع، وبنريّح أهاليهم منهم، وبنركز على تهيئتهم رياضيًا ونفسيًا وجسديًا، وبنعمللهم هدف بحياتهم. حتى إحنا ما بنوخذ شيء منهم بدل تدريب، بس النادي بدفعلي 100 دينار شهريًا كمبلغ رمزي».
الجابري موظفٌ في أمانة عمّان الكبرى كمشرف رياضي، لكنه يتفرغ معظم العام للتدريب الرياضي. «المخيم بيئة صعبة، فيها العاطل وفيها المنيح، فيها العنف والمخدرات والسلاح. لهيك، مشروع زي مشروعنا للاهتمام بالأطفال كثير مهم، أنا عندي 79 ولد صغير بحاول أخليهم بعاد شوي عن هاي البيئة»، يقول الجابري.
زيد في استراحة من تدريبه.
«بدي أصير بطل مملكة وبطل عالم، مش صعب، ليه صعب؟ أنا بحب رفع الأثقال وهي خلت عندي هدف»، يقول زيد محمد، ابن الثلاثة عشر عامًا، أحد الأطفال الذين يتدربون في الصالة.
يتابع زيد: «ما راح يبعدني شيء عن رفع الاثقال، أنا مركّز على دروسي ومدرستي ورفع الأثقال. أبوي موظف أمانة، وبيوم من الأيام جاب وزنات وبلشت أتدرب عليهم، بعدين حبيت الرياضة وجيت هون».
يتدرب زيد منذ ستة شهور فقط. قبل ذلك، لم يكن لديه مكان ليتدرب فيه لأن النادي كان يعتمد على مجموعة ثابتة من اللاعبين الكبار الذين يمثلونه في البطولات المحلية والعربية، يتدربون جميعًا في صالة المنتخب الوطني لرفع الأثقال بالمدينة الرياضية بالعاصمة عمّان.
محمد العابودي، هو واحد من هؤلاء اللاعبين. يرفع العابودي الأثقال منذ أكثر من 12 عامًا، وقد حقق إنجازات مهمة في الرياضة على المستوى العربي والأسيوي، لكنه على مدار كل هذه السنوات لم يلمس تغيّرًا حقيقيًا في طريقة التدريب وإعداد الرياضيين الذين من الممكن أن يحققوا إنجازات مهمة.
محمد العابودي (أعلى، ويمين) يتدرب على رفع الأثقال في المدينة الرياضية في عمّان.
«ما تغير إشي من أوّل ما بلشت اللعب بهاي الرياضة. لهلأ بعدّونا بنفس الطريقة، وما بكون في معسكرات وتدريب منتظم غير لما يكون في بطولة. وبعد 12 سنة لعب بهاي الرياضة بقدر أحكيلك ما بزبط. هيك رياضة بدها معسكر طول السنة وتفرغ تام»، يقول العابودي الحاصل برونزية آسيا برفع الأثقال في وزن 85.
يتدرب العابودي في صالة الكرامة المخصصة لرياضة رفع الأثقال في المدينة الرياضية، ويتقاضى نحو 80 دينارًا من الاتحاد الوطني للعبة، إلى جانب مكافأة من النادي إن حقق إنجازًا مهمًا.
«أنا زي كل الرياضيين اللي بالبلد، موظف أمانة متفرغ. بعطونا راتب عامل وطن بالآخر، وطبعًا هاد ما بكفيني، وهو اللي بخليني أدوّر على شغل جنب التدريب، لحتى أقدر أمشّي حالي»، يقول العابودي.
لم يسبق أن تأهل لاعب أردني برفع الأثقال إلى الألعاب الأولمبية، مع أن العابودي يرى أن تحقيق ذلك ممكن جدًا.
«الميدالية الأولمبية كثير قريبة للاعب رفع الأثقال الأردني. الرياضات الفردية بالأردن بتقدر تحقق كثير. عنا خامات لعّيبة مناح. وهاي الرياضات ما بدها غير إنك تعتني بشخص واحد وتعمل إنه يكون الأفضل، لو في خطط طويلة ومعكسرات دائمة للرياضيين، ممكن نحقق شيء، بس للأسف ما في اعتناء».
وفي الوقت الذي قابلنا فيه العابودي، كانت مجموعة من الشباب تحت سن 17 عامًا تستعد للسفر إلى ماليزيا للمشاركة في بطولة العالم لرفع الأثقال لفئتهم العمرية، ويشرف على تدريبهم الآن البطل الأردني السابق في الوزن فوق الثقيل عوض العابودي، ابن نادي يرموك البقعة.
نائب رئيس نادي يرموك البقعة إسماعيل صبح يقول «ميزانيتنا المخصصة للنشاطات الثقافية والرياضية هي 50 ألف دينار على مدار العام، وعنا كثير نشاطات ثقافية ورفع الأثقال وألعاب قوى وغيرهم، فالمبلغ شو ممكن يعمل فكرك؟»، وتظهر ميزانية النادي المنشورة على الموقع الإلكتروني أن مخصصات النادي لنشاطات رياضة رفع الأثقال للعام الماضي 2015 كانت 1120 دينارًا فقط.
النوادي الرياضية ليست أماكن هامشية بالنسبة لمن يرتادها في مخيم البقعة، سواء كانوا مدربين أو رياضيين محترفين أو هواة، فهي إحدى طرق إثبات الذات القليلة في تلك البُقعة الفقيرة، واستمرارها في العمل رغم كل هذه الظروف هو أفضل دليل على ذلك، فهي قائمة عمليًا على الإمكانيات القليلة التي تقدمها الأندية وصبر المدربين وطموح اللاعبين حتى الآن.
يقول الكابتن محمد عشيش: «في ملاكم اسمه محمد العاصي، أفضل ملاكم أردني من ناحية الإمكانيات اللي اشتغلت معهم [مصنف 15 عالميًا]. الولد سحبه الشارع العام، وصار يشتغل بدهان الموبيليا مقابل 300 دينار لأنه كتب كتابه وبده يتزوج. قابلته قبل أكمن يوم، كان بلحية طويلة، حكيتله تعال سيبك من هاد الشغل وتعال بنشغلك مدرب خاص بعمّان الغربية، قال لي لا كابتن ما بدي، إذا صرت أدرب راح أبطل أفكر كلاعب، أنا بدي أرجع لاعب وأحقق إنجاز».