حبر في 2020: كيف غطّينا العام الأطول

تصميم ندى جفّال.

حبر في 2020: كيف غطّينا العام الأطول

الثلاثاء 29 كانون الأول 2020

في الأسبوع الأخير من هذه السنة الاستثنائية، تكثر النشرات التي تسعى لتلخيص أبرز أحداثها -وما أكثرها!- ويأخذ الشعور بنسبية الزمن بعدًا جديدًا، بعد أن عايشناه على مدار السنة التي استطالت شهورها، وبتنا ننظر إلى بدايتها بوصفها ماضيًا سحيقًا لعالم لم يعد موجودًا؛ عالم ما قبل كورونا. 

منذ تلك البداية البعيدة، حصل الكثير مما يمكن وصفه دون مبالغة بالتاريخي؛ إغلاقات عامة غير مسبوقة، وتعطلٌ لا مثيل له لسلاسل النقل والحركة التي تغذي الاقتصاد العالمي وتجعل دوران عجلته ممكنًا. فرض ذلك تغيرات عنيفة في أنماط الحياة اليومية، ودفعنا نحو التفكير فيما يعنيه هذا التصدع في بنيان الأنظمة الاقتصادية والصحية حول العالم. أما الأثر الأوضح والأثقل والأطول عمرًا، فيتمثل في فقدان مئات آلاف الناس لحياتهم جراء الفيروس أو الاضطرابات التي خلقها، وفقدان ملايين أخرى لمصادر رزقها. 

في حبر، وجدنا أنفسنا -كغيرنا- أمام واقع جديد يتطلب تكيفًا سريعًا، ومتابعة حثيثة، لا لتفاصيل التطورات المتلاحقة محليًا وعالميًا فحسب، بل لانعكاساتها على الصورة الأوسع للجائحة، حتى نساهم في إنتاج محتوى صحفي غني بالمعلومات والأفكار، يساعد الجمهور في فهم هذه السنة العصيبة والتعايش معها.

على مستوى داخلي، انتقل الجزء الأكبر من عمل فريق حبر إلى الفضاء الافتراضي، وانصبّ تركيزنا في المراحل الأولى على فهم الوباء علميًا وصحيًا، ثم على متابعة تأثيرات فرض حظر التجول والإغلاقات في الأردن والمنطقة العربية، خاصة بالنسبة لمن هم على الهامش، ومن فاقمت الأزمة سوء معيشتهم وصعوباتها. بالتوازي مع ذلك، كنا نسعى لتقديم أفكار وتأملات في ما تعنيه الجائحة على مستوى العالم ككل، وفي فهمنا لأنفسنا في ضوئها، ولما كنا نعده بديهيًا أو مضمونًا أو ثابتًا. 

مع مرور الوقت، تشعبت آثار الجائحة، وطرأت أسئلة مختلفة عن تقاطعاتها مع التكنولوجيا والثقافة والعمل السياسي، فضلًا عن النظم الصحية والاقتصاد والبيئة. وحينما هدأت هجمات الفيروس في أشهر الصيف في كثير من دول العالم ومن بينها الأردن، وسادت حالة من الإعياء من كل ما له علاقة بكورونا، التفتنا إلى مواضيع سياسية واجتماعية وثقافية كانت الجائحة قد غطّت عليها طويلًا. لكن هذا الهدوء لم يدم، وجاءت الموجة الثانية من الوباء بكلفٍ أعلى في الأرواح، وأعادتنا لمتابعة الوضع الوبائي، الذي شهد أسوأ أحواله في الأردن في تشرين الثاني الماضي.

نجمل لكم في العناوين التالية أبرز ما نشرناه حول هذه المواضيع، التي تتزعمها دون منازع الجائحةُ بمختلف انعكاساتها.

في البدء كان الفيروس

على مدى السنة، نشرنا العديد من المواد الأصيلة والمترجمة التي سعينا لأن تقدم قاعدة معرفية عن الفيروس وطرق انتشاره وتأثيره، في مواجهة موجات الشائعات والأقاويل المضللة التي وجدت في مخاوف الناس أرضًا خصبة لها للانتشار. فنشرنا مقالات حول سبل انتقال العدوى، والعوامل المختلفة التي تؤثر على الانتشار وشدة الإصابة، والسيناريوهات المحتملة للجائحة، والنهاية المتوقعة لها. كما تابعنا تطورات إنتاج اللقاحات، والسياق الاقتصادي السياسي لها. فضلًا عن نقل تجارب مرضى مختلفين مع المرض وأعراضه، الغريبة أحيانًا. 

كانت بعض هذه المقالات والتقارير من الأكثر قراءة في حبر هذه السنة، بل أن بعضها حقق أرقامًا قياسية في المقروئية، وهو ما مثّل بالنسبة لنا دليلًا على تعطش الناس للمعلومات الدقيقة والعملية التي يمكن أن تساعدهم على فهم الوباء والتعايش معه.

إدارة الجائحة

محليًا، تابعنا إدارة الجائحة على مستويين؛ أولًا، الإجراءات الحكومية لكبح الانتشار، والسيطرة على الإصابات والمخالطة، من المنظومة العامة لإدارة الجائحة، إلى التعامل مع البؤر والسيطرة عليها، وفعالية التقصي الوبائي، وسؤال ضرورة الحظر الشامل وجدواه، وصولًا إلى القدرة على تنظيم العزل المنزلي في الوضع الحالي. كما تناولنا تجارب أخرى في إدارة الجائحة حول العالم، والأدوات المستخدمة لضبط العدوى.

المستوى الثاني كان متابعة وضع القطاع الصحي في الأردن، من حيث مدى جهوزيته لمواجهة الجائحة، وتطور هذه الجهوزية مع الوقت، وتوفر الكوادر الصحية بتخصصاتها المختلفة، والأجهزة والمعدات المناسبة، وقدرة المستشفيات، وأقسام العناية الحثيثة فيها تحديدًا، على التعامل مع مرضى كورونا، وغيرهم من المرضى، فضلًا عن الأدوار التي لعبتها الكوادر الصحية في الصفوف الأولى، والإصابات التي لحقت بهم جراء ذلك، وأودت بحياة عدد منهم.

أزمة اقتصادية

مع الضربة الاقتصادية التي جاءت جراء الإغلاقات الطويلة في بداية الجائحة، والتي امتدت بعدها مع استمرار إغلاق المدارس والجامعات وضعف الحركة في الأسواق، تابعنا آثار الجائحة على قطاعات مختلفة، وما سببته من توقف شبه كامل في كثير الأعمال، وتبعات ذلك على أوضاع فئات مختلفة من العمال، خاصة عمال المياومة والعمال المهاجرين. كما استعرضنا الاضطرابات التي سببتها الإغلاقات في سلاسل التوريد الغذائي، وفي القطاع الزراعي بعامة. 

تابعنا أيضًا المحاولات الحكومية للتعامل مع هذه الآثار، من إدارة عملية التموين أثناء الحظر، إلى أوامر الدفاع المتعلقة بأجور العاملين في القطاع الخاص.

الحياة في الحظر

ليس الاقتصاد وحده الذي شهد اضطرابًا مفاجئًا، فقد شكل الحظر حالة استثنائية تركت أثرها على العلاقات الاجتماعية، ودفعت الكثيرين لإعادة النظر بعادات سابقة واختراع عادات جديدة، وحرمت آخرين من طقوس محببة، وجعلت بعض التجارب الصعبة أشد صعوبة. وفي الوقت نفسه، خلقت هذه الظروف صعوبات جديدة في القدرة على العمل والتعلم داخل المنازل. 

تابعنا كذلك الظروف الخاصة التي مرت بها المناطق المعزولة، وتكيف الناس فيها، فضلًا عن التجارب التي خلقتها ظروف إغلاق المطارات والعزل الصحي.

أفكار حول الجائحة

استدعت هذه التغيرات الكبيرة حول العالم مراجعات وتأملات عميقة في ما يعنيه كل ذلك، من قصة هذا الفيروس، وتاريخ تجاربنا مع الأوبئة، إلى الحياة الاجتماعية للمرض وحضور الوباء في المجتمع، إلى ما تقوله محاولاتنا للتكيف مع ظروف حياة الحظر عن تصوراتنا عن العزلة وأمان البيوت. وفي الوقت نفسه، رفعت الجائحة من الأصوات التي أشارت إلى جذور هذه الأزمة الشاملة على مستوى النظام الاقتصادي والمالي العالمي، والتوزيع غير العادل لأعبائها.

بحث أعمق

بعيدًا عن جائحة كورونا، تناولنا في هذا العام عددًا من القضايا بمقالات وتقارير بحثية معمقة. محليًا، تناولنا عدالة منظومة الضمان الاجتماعي في الأردن، وتشوهات قطاع الطاقة الكهربائية في الأردن وأسبابها. والسيرة الطويلة والمعقدة لشركة «لافارج» الفرنسية في الأردن، التي ورثت شركة مصانع الإسمنت الأردنية عند خصصتها، والمخالفات والنزاعات التي شملتها هذه السيرة. كما تناولنا تاريخ النضال في الأردن من أجل دولة واحدة في بلاد الشام، كما تجسده سيرة الشهيد كايد المفلح العبيدات

على مستوى المنطقة، استعرضنا التحولات الثقافية التي مر بها الخليج العربي وخاصة السعودية في ظل اتفاقات التطبيع وتوجهاته المتزايدة. كما نشرنا دراسة من ثلاثة أجزاء حول التاريخ السياسي للنفط في إيران، من اكتشافه والمطامع الاستعمارية التي تلته إلى محاولات تأميمه والانقلاب المدبر على إثر ذلك.

قصص حيّة

واصلنا البحث عن أناس لديهم قصص تستحق أن تروى، وتجارب غنية يمكن التعلم منها. بعضها كان مأساويًا، تكثفت فيه أبعاد التهميش الاقتصادي والاجتماعي. بعضها نقل لنا صورة عن صعوبات الحياة في أماكن أو أعمال بعينها، وعن القرارات التي يمكن أن تُتخذ أمام هذه الصعوبات. بعضها كان بمثابة تحية وداع لأدباء ورياضيين رافقونا على مدى سنوات. والبعض الآخر كان إضاءة على حياة أشخاص شقوا طرقهم وسط قيود ضاغطة.

ملعب الجبل: مهاجرون ولاجئون تجمعهم «لعبة فطبول»

22 تشرين الأول | حارث الطوس وأنس غنايم

موسم الهجرة إلى إسطنبول

 

10 آذار | دلال سلامة

 

سياسة محلية وإقليمية

لم تتوقف بفعل الجائحة التطورات السياسية في الأردن والمنطقة. محليًا، شملت أبرز هذه التطورات قضية إغلاق نقابة المعلمين واعتقال أعضاء مجلسها لمدة شهر، والإحالات إلى التقاعد والاستيداع التي لحقت بمعلمين نقابيين إثر ذلك. كما غطينا بالتقارير والتحليلات الظروف المشحونة التي جرت فيها الانتخابات النيابية، والجدل الذي سبقها، وحللنا جزءًا من نتائجها التي قدمت مؤشرات عامة حول الحياة السياسية في الأردن. 

إقليميًا، تابعنا بمقالات الرأي والتحليلات الأحداثَ المتلاحقة التي شهدتها المنطقة منذ بداية العام، من لبنان الذي تراكمت فيه الأزمات، إلى اتفاقات التطبيع مع «إسرائيل» في الخليج، وغيرها من التحليلات من فلسطين ومصر وليبيا والعراق وتركيا.

كتب وتلفزيون

أخيرًا، وفي ظل ظروف الحظر والحجر والوقت الفائض -نظريًا- الذي أنتجه البقاء في البيت، اشتدت الحاجة لمسلسل لإمضاء الوقت أو لكتاب للتأمل في معاني العالم القديم الجديد. نشرنا هذا العام مجموعة من المراجعات والقوائم من الكتب والمسلسلات والأفلام والموسيقى، أملنا أن تساعد على توجيه اختياراتكم، وتطلعكم على عناوين وكتاب جدد، وأفكار راهنة ومثيرة للنقاش.

كتب قرأناها في عام الجائحة

25 كانون الأول | فريق وكتّاب حبر

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية